المقالات

موازناتنا تدمر الاقتصاد، والاقتصاد ينقدها


نكرر سنوياً مناقشة الموازنة، فنقلصها عند انخفاض اسعار النفط، ونتبحبح بها بارتفاعها.

ستفرض الفلسفة المريضة (بالهولندي) لموازناتنا المتعاقبة نفسها، وسيجد الاستهلاك والترهل والفساد مشجعاته الموضوعية والذاتية، اما الاعمار والعمالة والاستثمار والقطاعات الحقيقية والاقتصاد، فحبر على الورق، او مشاريع متلكئة. فموازناتنا تفتقد الفلسفة الاقتصادية، واقتصادنا يفتقد العوامل الموضوعية وشروط العمل، والذاتية كالحوافز والضمانات، او الاثنين. لذلك سنقترح "رؤوس خيوط" لتشجيع الانتاج في قطاعي الزراعة والصناعة، مستغلين طرح الموازنة، وانطلاقاً من ظروفنا الحقيقية وليس الافتراضية.

1- شروط الانتاج ودعم المخرجات الزراعية: لدينا مشاكل مياه، ومعوقات وتخلف الاساليب والوسائل. وفيما يخص الحبوب -القاعدة الرئيسية للزراعة والثروة الحيوانية- نرى لتوفير الشرط الموضوعي للانتاج وتجاوز المعوقات الاساسية، ان تخصص الموازنة حوالي (1-1.5) مليار دولار لتوفير (ثلاثين الف مرشة)، بطاقات مختلفة، متوسطها (100) دونم للمرشة. توزع  المرشات كاولوية للمناطق قليلة الامطار (100-200ملم/سنة)، والبعيدة عن الانهار. اراض تعتمد المياه الجوفية، والتي تتجدد مياهها بمعدل (4-6 مليار/م3/سنة). وبما ان القمح يحتاج عموماً (2000 م3/دونم/موسم)، فاننا سنروي (3) مليون/دونم، تضاف للمساحات المروية من الانهار والامطار. ولتوفير الزخم المطلوب، نرى اهمية توزيع المرشات بدون مقابل ابتداءاً، شرط زراعة الارض، وتسحب ممن يتخلف. اما الشرط الذاتي، فبشراء المحاصيل باسعار محفزة، وبالسداد العاجل. واذا ارتؤي تقسيط مبلغ المرشات لسنوات، فيمكن استقطاع القسط خلال السداد. فنعاود توزيع المزيد، لتحسين طرق الارواء وزيادة المساحات المزروعة.

نمتلك اليوم الاموال اللازمة، وقد لا نمتلكها غداً. ونستطيع بسرعة قياسية، وضمن امكانياتنا وظروفنا، ولمناسبة عرض الموازنة، تنشيط القطاع الزراعي والحيواني. لتنشط معه سلسلة كبيرة مرتبطة به من الصناعات والنشاطات الاخرى، لتنطلق عملية ستشكل بالتدريج منطقها الداخلي الايجابي المتصاعد. فهذا "نفط" مستدام. سيستوعب مئات الاف العاملين، ويقتصد بالمياه الشحيحة، ويوسع الاراضي المزروعة، بكل فوائدها الاقتصادية والبيئوية والمجتمعية والسكانية. مسك "رأس الخيط" لا يلغي السياسات الاخرى، بل يكملها ويسرعها. فزيادة الانتاج نوعاً وكماً، يجب ان يكون هدف "الخطة الزراعية". لا ان نحل مشاكل المياه عبر الاستيراد، وتقليص المساحات.

2- ضبط الاستيراد ودعم المنتج الوطني: انتاجنا ضعيف، وانفاقنا مرتفع، نوفره عبر الاستيراد. استيراداتنا (في2020) حسب البنك الدولي (54.265) مليار دولار، (واكثر باحتساب غير المنظور). سيتوفر شرط موضوعي بضبط الاستيراد، ودعم وحماية المنتج الوطني البديل. الذي سيولد -بدوره- العامل الذاتي والحافز لاغراء الاستثمارات المطلوبة. ويتطلب الامر الثقة بالنفس وعدم الخوف من النتائج التي تحذرنا منها المؤسسات الدولية حول سياسات الدعم والانفاق والتمويل بالعجز والتضخم. فانفاقنا هنا، لتحريك الانتاج البديل عن الاستيرادات، وتحفيز قطاعاتنا الحقيقية، والخروج من الاقتصاد الاحادي الريعي، العاملة كلها لامتصاص العجز والتضخم والبطالة الحقيقية والمقنعة، الخ. خصوصاً بالبدء بالاسهل الى الاصعب، وحققنا الشراكة المتكافئة الجدية بين القطاعين العام والخاص، وتمكين الاستثمارات، وتشجيع المصدرين الاجانب لجلب مصانعهم الى العراق، ورفع الحواجز والمعوقات الكثيرة، والحرص على الادارة الراشدة والحوكمة السليمة، وجودة البضاعة واعتدال الاسعار.

3- طبقنا بعض الخطوات اعلاه (2019-2020). ويذكر تقرير (البنك الدولي–ربيع 2020): "نما الاقتصاد غير النفطي بنسبة (4.9%) على اساس سنوي. كانت الزراعة المساهم الاكبر في نمو جميع القطاعات غير النفطية، بعد أن توسعت بنسبة مذهلة بلغت (39٪). وسجل إنتاج القمح (4،8) مليون طن  متري للفترة (2019-2020) بزيادة (60%) من عام (2018). وأدى ذلك إلى زيادة الدخل المتاح للمزارع وحُققت مكاسب إيجابية كبدائل للاستيراد". وفي (2020) -سنة غير رطبة- سجل انتاج القمح حوالي (6) مليون طن، محققين الاكتفاء الذاتي تقريباً.

الاجراءان (1و2) لا يعنيان الاقتصاد كله، الذي سيحتاج لمشاريع واسعة في البنى التحتية، والمشاريع الارتكازية، والصناديق السيادية والاستثمارية، والنفط مقابل الاعمار (الصين واتفاقية الاطار) والمشاريع المشتركة مع الجوار والاخرين. وترشيد القطاع العام وشركاته، ومواجهة الترهل والاحتكار، ووضع معايير جدية للمقايسة والحوكمة والكفاءة ومحاربة الفساد، وتوفير الضمان والتقاعد وغيرهما للقطاع الخاص اسوة بالقطاع العام. والسيد رئيس مجلس الوزراء، الاخ السوداني عمل على هذا الموضوع، من مواقعه الوزارية والتشريعية، ويعرف مفرداته واهميته جيداً.

عادل عبد المهدي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك