المقالات

النبي محمد ص وآله " طبيب دوار بطبه "…


الدكتور علي زناد كلش البيضاني ||

 

تتعدد الأساليب وتختلف الأنماط تبعاً للظروف المحيطة بالحدث ونوعيته ـ ولا نعني هنا بنسبية الأخلاق كما تذهب إليه النظرية الماركسية ـ ، فترى اللين تارة في مكان وترى القوة تارة أخرى في مكان أخر ، ولا يعني ذلك وجود تناقض بل بالعكس دليل حنكة القائد ومسايرته للعلاج الناجع ، ولهذا القول دلالته الرمزية بلسان الإمام علي (ع) واصفاً النبي الأكرم ( ص وآله ) الذي نقله لنا ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ،ج 7 /ص 183 ،  والذي يمكن استثماره عندما وصف منهجية النبي محمد ( ص وآله )  في التعامل مع الأحداث بقوله : " طبيب دوار بطبه ، قد أحكم مراهمه ، وأحمى مواسمه ، يضع ذلك حيث الحاجة إليه ، من قلوب عمى ، وآذان صم ، وألسنة بكم ، متتبع بدوائه مواضع الغفلة ، ومواطن الحيرة " ، بمعنى أن النبي ( ص وآله )  كان يضع علاج ( المراهم ) في موضع اللين والرفق ،

 و( المواسم )  في موضع الشدة والقسوة للظفر بنتائج إيجابية على المستويين الحاضر والمستقبل ، فضلاً عن إيقاظ غفلة الناس مما هم فيه من فتنة أو ما قد يصيبهم منها ، فمرة كان عنده المرهم وأخرى عنده الميسم ، فالمرهم في يد ، وآلة الوسم المحمية في اليد الأخرى ، فحيثما أمكنت المعالجة بالمرهم كان العلاج ، فإذا لم يكن المرهم مجدياً وكان العضو فاسداً ، كان لا بد من الكي أو البتر لعلاجه ، وحالة التشبيه الرائعة هذه ترسم لنا صورة في الأسلوب النبوي الميداني وليس المكتبي فهو طبيب أي مُعالج للأمراض الدينية والاجتماعية والفكرية وغيرها وفق نمطية ناجحة تتسم بالتحرك الميداني للأحداث وعدم الاكتفاء بالبقاء في مكانه فتراه ينتقل للطائف وبعدها للمدينة حيث وجد الخلل والحاجة ، ولكن ثمة فرق بين طبيب وطبيب ، فهناك الطبيب الثابت ( المكتبي ) وهناك الطبيب المتحرك ( الميداني ) السيار ، فالأول يفتتح عيادة يجلس فيها ينتظر المرضى ، ومن يراجعه يصف له الدواء لكن إذا لم يأتِ له أحد لم يذهب للبحث والتحري عن المرض والمرضى ، غير أن نوعية الطب عند النبي محمد (ص وآله) لا تشبه الصنف الأول بل كان النبي محمد (ص وآله) لم يكتفِ بالمعالجة المكانية بل يذهب بنفسه ليعالج المرضى ( مرضى الأخلاق والمعنويات ) كما يسميهم الشهيد مرتضى مطهري ، فكان يدخل للمسجد باحثاً عن هؤلاء ليصف لهم علاجهم ، وينتظر موسم الحج ليلتقي بالقوافل ليعلمهم أحكام الإسلام ، لا كحال الطبيب القابع في عيادته لا يُجيب ألا من يسأله بل لا يرى مسؤوليته لا تتعدى ذلك أما الرسول الأكرم ( ص وآله ) فيرى مسؤوليته أكبر وأشمل من ذلك ، وهذا حال دعوات الأنبياء ـ  وأن كان نبينا الأكرم تمتاز حركيته بالشمولية ـ فقد قرأت في أحد الكتب إن النبي عيسى (ع) شاهدوه يخرج من دار امرأة سيئة السمعة ، فسُئل : يا روح الله،  ما كنت تصنع في دار هذه ؟

 فقال : أنا طبيب وكنت في دار مريضة . أي ينصحها ويعطيها وصفة علاجية أخلاقية ، إذن فثمة ظرف يقتضي ويُحتّم على النبي ( ص وآله ) الملاينة والرفق ، وثمة ظرف يقتضي الشدة والحزم كلاً في موضعه ووقته.

 

ـــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك