مهند حسين ||
تلعفر.. مدينة عراقية عريقة موغلة في القدم، تحمل خصوصيتها التركمانية ميراثاً حضارياً وثقافياً خاصاً بها في محيط متنوع القوميات والطوائف والاديان من مكونات الشعب العراقي المختلفة، عاشت هذه المدينة طيلة سنوات القرن الماضي حالة من التعايش والتسامح والتصاهر بين ابنائها من مختلف الاعراق والطوائف، حتى دخول قوات الاحتلال الامريكي المدينة عام 2003، لتدخل تلعفر في دوامة عنف بشعة طالت المدنيين العُزّل بعشرات التفجيرات، استخدمت فيها الهاونات والسيارات المفخخة والاحزمة والعبوات الناسفة، خلّفت ورائها عشرات الآلاف من الشهداء والايتام والارامل والمعاقين والمهجرين من كلتا الطائفتين (السنية والشيعية) لتتصدر المدينة المناطق الساخنة التي قدمت الكثير من الشهداء على يد الأحتلال والقاعدة في البلاد آنذاك.
وبعد دخول عصابات داعش الإجرامية للعراق سقطت الكثير من المدن، فكان 15 حزيران 2014 موعداً لسقوط مدينة تلعفر ذات الموقع الاستراتيجي الحيوي واصبحت واحدة من أكبر معاقل داعش في العراق، وارتكب فيها ابشع المجازر بحق سكانها على اختلاف قومياتهم وطوائفهم، لذلك عندما تقدمت القوات الأمنية والحشد الشعبي الى تلك المناطق، خاض فيها معارك كانت توصف بأنها من أشد المعارك ضراوة وأكثرها قساوة، فالمناطق الصحراوية لم تكن سهلة على الإطلاق، سيما مع وعورة الأرض و البرد القارص وكثافة المطر، بالإضافة الى السيارات المفخخة والطائرات المسيرة التي كانت تنفجر يومياً على أجساد المقاتلين، فالحرب لم تكن سهلة كما يضنها الآخرون، وإن كل من يتحدث عنها بأستخفاف إما إنه لم يشارك فيها أصلاً أو إنه لا يعي ما حصل.
واذا ما تحدثنا بشكل خاص عن مطار تلعفر، هذه الثكنة العسكرية التي كانت تمثل نقطة انطلاق العمليات الأرهابية للعصابات الداعشية ضد القوات العراقية، نجد أن معاركها شهدت أساليب كر و فر، حتى تمكن الحشد الشعبي في يوم الأربعاء المصادف 16 تشرين الثاني 2016 من السيطرة على هذا المطار الاستراتيجي وتحريره من دنس الأرهابيين، الأمر الذي جعل هندسة المتفجرات التي كان يقودها المجاهد السيد جاسم آل شبر أن تقوم بتطهير ورفع جميع العبوات حتى لحظة استشهاده في المطار، ليرتبط أسم مطار تلعفر بأسم الشهيد القائد السيد جاسم آل شبر الذي أختتم مسيرة حياته الجهادية بالشهادة، ومن المصادفات العجيبة لهذا المجاهد أن يكون يوم أستشهاده هو نفس تاريخ يوم ولادته بالتاريخ المصادف 18 تشرين الثاني، لذلك حري بنا أن نحتفل بمناسبات التحرير بالشكل الذي يتناسب مع حجم الشهادة.
ـــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha