المقالات

تزكية النفس، مطيّة الوصول إلى الكمال..


كوثر العزاوي ||

 

الإنسان الذي يمتلك مبادئ وأهداف في الحياة لابد أنه يسير وفق تلك المبادئ للوصول إلى أهدافهِ المنشودة، ولا بدّ له من أن يختطّ لنفسه مسارًا معينًا من سنخ تلك الأهداف والمبادئ فلا يحيد عن ذلك المسار مهما نازعتهُ أهواؤهُ ونزواتهُ، وبالتالي وبمقتضى العقل والمنطق، لابدَّ للإنسان أن يراقب نفسه حذَرًا من الأمور التي تتّفق مع أهوائهِ ومصالِحهُ وأنانيته، وتتنافى مع الأصول والمنهج والأهداف الّتي اتخذها لنفسه خشية وقوع المحذور

من غلبة الهوى والنزوات! ومن هنا نفهم، أنّ النفس في صراع مستمر مع الهوى والأنا من جانب، والتقوى وضبط النفس من جانب آخر، وقد أشارت الآيات المباركات إلى ذلك بقوله تعالى:

{وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّاها* فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَاهَا* قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّاهَا} الشمس ٧-٩

فالتقوى بمعناها العامّ لازمة لحياة كلّ فردٍ يريد أن يكون إنسانًا سويًا، وأن يحيا تحت حكم العقل بعيدًا عن تأثير ضغط الهوى والانحدار معها في مستنقع الفجور، إضافة الى ذلك، تكثيف المراقبة حتى الوصول إلى قناعة: أن النفس ماهي إلّا وعاء إيمان المرء، وأهمّ ممتلكاته هو هذا الإيمان الذي يُعَدّ جوهرة الذات وهيبة صاحبها، فإذا فُقِد لأيّ سبب فلا جدوى في حياته، مما يُلزِم العاقلَ أن يسعى جادًّا الى تنمية الإيمان وزيادته عن طريق تزكية هذه النفس وتهذيبها وهو بلاشك سائسها والمسؤول عن تغييرها، علمًا أنّ إلى جانب هذه الاستعدادات الفطرية الكامنة، ثمة قوة واعية مدركة موجِّهة في ذات الإنسان هي التي تُناط بها التّبِعات، فمن استخدم هذه القوة في تزكية نفسه وتطهيرها وتنمية استعدادات الخير فيها وتغليبها على استعدادات الشر فقد أفلح وتزكّى، ومن أظلَمَ هذه القوة وخبأها وأوْهَنها، فقد خاب وهوى {قَدْ أفْلَحَ مَن زَكّاهَا وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا} وعليه: ألا يَجدر بمَن يمتلكُ مثل جوهرة العقل التي ينبثق منها دُررُ الإيمان المختلفة العطاء وكلها تزيد في قيمة الإنسان المؤمن لتصنع منه كريمًا كما يريده الخالق "عزوجل"{ ولقد كرّمنا بني آدم..} وسخّر له كلّ ما في الوجود ليصل إلى هذا الكمال، أعني التزكية، ومع انتفاء هذه الثمرة وضياعها فإنّ وجود العبد يكون نشازًا في عالَم الأنس، لأنّ كل المخلوقات الصامتة حقّقت الغرض من وجودها، إلا هذا الموجود الإنسيّ الناطق!. ويؤيّد هذا المعنى ما روي في الحديث القدسيّ: {عبدي خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي} فلنتأمّل.!!

 

١١-ربيع الثاني١٤٤٤هج

٧-١٠-٢٠٢٢م

 

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك