كوثر العزاوي ||
فاطمة الزهراء"عليها السلام" ومضة نور حيّة نابضة في عالم الكمال! تتجلّى فيها روعة الأنسان الكامل بجميع أبعاده المعنوية والمادية لتغمر الوجود بمعاني الطهر، كما هي الحجة البالغة التي جعلها الله لنا لنغلق بها كلّ منافذ الرياح الصفراء الآتية من مختلف آفاق الدنيا، المحمّلة بغبار شعاراتٍ شتى باسم الحرية والانفتاح على العالم، مستهدِفة بذلك أعظم المنظومات قدسيةً في الوجود وهي"المرأة" لتصنع منها أداة مزخرفة هابطةَ الثمن لاقيمة لها سوى مايُهتَك من حرمتها ومصادرة حريتها الحقيقية المتمثلة بالعفة والحياء، وهذا ماجعل العالَم كله في أزمة اخلاقية أفرزتها الجاهلية الحديثة التي تكاد تحطّم البشرية، وتسحقُ كرامتَها، بعد أن اقتحمت قلاع المرأة التي تحوّلت الى مشكلة حادّة من مشاكل العصر، تتقاذفها الأمواج الهائجة في بحر الأهواء بين مدّ وجزر، عِبر منظمات تدعو الى مايسمى بـ"حقوق المرأة وحريتها" والحق أنها لا تدعو إلاّ الى مصادرة كرامتها وإلفات نظر الرجل إليها والتركيز عليها ليطلق يدُ الوحشية الذكَرية ضد ضعفها واستغلال ماأنعم الله عليها من طاقات على مستوى الإنسانية، فضلًا عن الأنوثة بالطبع الذي جعلت منها محطّة إثارة مرضى القلوب لتسويق البضائع والمصالح الشخصية والدنيوية لصنّاع رؤوس الأموال ، وهذا وحده كفيل بتبدّد طاقاتها كإنسانة حرّة كريمة!! وماتلك النوايا الحقيقية لدعاة حقوق المرأة وحريتها إلّا لسَحقِ كرامتها، واستباحة حقها، وتحطيم كيانها!، وليت العالَم يدرك بما فيهم المرأة، أنّ كل هذه الضجة المفتعلة ماهي سوى دعوة شيطانية تطلقها أبواق الضلالة والفساد في الأرض، لتمرير خططهم على هيئة فخّ لاصطياد العفة والقيم والإنسان والأنسانية بأيادٍ خبيثة صهيونية ماكرة هدفها تقويض كيان الأسرة في المجتمعات ومحق إنسانيتها بتجريدها من العفة والمَنعة، لتحوّلها الى قطعان غنم تسوقها حيث مالت أهواءها وغرائزها، وحسب دوران عجلة مصالحها، لتعيش المرأة خصوصًا والاسرة بشكل عام كالنعجة بين قطيعٍ من الذئاب
مقابل حفنة من دولار، وكمية من مساحيقَ ملونة تعبث بنقاء صنع الله الخالق المبدع، وشيء من حليّ وثياب كشفت مستور كرامتها وذهبت أدراج الرياح.!!
واليوم وبعد ان انجرفت الجاهلية الحديثة الى حضيض الفساد والميوعة والتفسّخ الأخلاقي، وما تركت خلفها الملايين من المشاكل الفردية والاجتماعية، يجدر بكِ أيتها المرأة الحرّة، الأخت والزوجة والإبنة ان تعودي خطوات الى الوراء لتجدي ماغفلتِ عنه من منحةٍ ثمينة تحفظ لك مابقيَ من ماء وجهك لتعودي حرة مصونة في رحاب الله مستودع الحب والجمال، كما أنه القادر على ذَهابه بطرفة عين، وقد فتح أمامك بابًا اسمه "فاطمة" يأخذكِ حيث آفاق الجمال والجلال والسموّ والرفعة! سترَيْنها المثال والقدوة في كل جانب من جوانب حياتها ،حيائها، طهرها، أخلاقها، سترها ، حجابها، وفي انسانيتها ورساليتها، وحتى علمها ومعارفها، بل وكل مايتعلق بكرامتك كأنسانة معطاء وفيضٍ دفاق ،فهي المدرسة التي تنهلين منها معين الدين الحنيف، ثم دعي عنك ثقافة الفضائيات وما يعرض فيها من أفلام ومسلسلات، فالزهراء حجة علينا جميعًا رجالًا ونساءً، وإذا غرقتِ رغم ذلك في بحر الموبقات، حينها ستدركين بأن ماحصل هو نتيجة الإبتعاد عن خطّ ونهج فاطِمة "عليها السلام" الذي هو نهج القرآن، وقد أوضحه الله تعالى في سورة النور وسورة الاحزاب وسورة مريم وكثير من الموارد التي تترك بصماتها على روحك وعقلك وضميرك لتجعل منك إنسانة إلهية قوية، يتطلّع إليك الإسلام ويتوقّع منك النصرة والمعونة لصاحب الأمر "ارواحنا فداه " كما يتوقّع منك إحباط خطط المتآمرين على الإنسانية والفضيلة وأولهم الشيطان الذي حذّرنا الله في قوله عزوجل:.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} النور ٢١
فتأمّلي قبل فوات الأوان، حينئذٍ لاينفع نفسًا أيمانها لم تكن آمنت من قبل..!!
٨-ربيع الثاني١٤٤٤هج
٤-١١-٢٠٢٢م