ايفان العودة ||
حظي موضوع الشراكة بين القطاعين العام والخاص باهتمام كبير من قبل الحكومات والمجتمعات والمراكز البحثية في مختلف أنحاء العالم ، زاد الاهتمام بالشراكة بعد أن اتّضح بأنّ عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية تعتمد على حشد جميع إمكانات المجتمع، بما فيها من طاقات وموارد وخبرات القطاع العام وكذلك الخاص، لتتشارك في تنظيمات مؤسسية تتولّى إنشاء المشاريع بمختلف أنواعها وتشغيلها، لذلك تسعى الدول المتقدمة والنامية على حد سواء إلى خلق التنظيمات المؤسسية والتشريعات والنظم لتبنّي التنظيمات التشاركية التي تسهم فيها قطاعات المجتمع في توجيه المشاريع والأعمال وإدارتها وتشغيلها وتطويرها وتنميتها من أجل خدمة أغراضها على أساس تشارك فعلي، وحوكمة جيدة، ومساءلة شفافة ومنفعة متبادلة.
إنّ مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص تزايدت في أنحاء العالم كلّها لأسباب عديدة منها تعاظم الديون السيادية وازدياد عجز موازنات الحكومات، ما دفعها إلى البحث عن تخفيض هذا العجز من دون أن يؤثر ذلك على الإنفاق الاستثماري لديها عبر عقد شراكات مع القطاع الخاص. بشكل أو بآخر في إدارة شوؤن الدولة.
تشكّل الشراكة بين القطاعين العام والخاص السبيل الوحيد لكثير من الاقتصادات حول العالم، من أجل إعادة تمويل بنى تحتية وإنشائها بغية تطوير الاقتصاد، فالاقتصاد العراقي وبعد مرور العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين، لا يمكن أن يتطوّر من دون بنى تحتية التي تُعتبر أكثر من ضرورية لأي اقتصاد حديث، من أهمّها خدمات الطاقة الكهربائية وشبكات الاتصالات المواكبة لتطوّرات العصر، ومحطات الصرف الصّحي والطرق والجسور والمياه، وغيرها الكثير من أعمدة الحياة العصرية لاقتصادٍ ناجحٍ يحافظ على بيئته ويقدّم الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لأبنائه
وممّا لاشكّ فيه أنّ الاستثمار في البنى التحتية يؤدي دورًا رئيسًا في تحفيز نموّ الناتج المحلي وتطوير الاقتصاد وتأمين نموه المستدام. فمشاريع البنى التحتية تسهم في إيجاد الأرضية المناسبة لاستقطاب الاستثمارات وخلق فرص عمل عديدة في القطاعات جميعًا ولكل الطبقات الاجتماعية على اختلافها. كذلك للبنى التحتية تأثير مباشر على الخدمات العامة لجهة مدى توافرها، واتساع نطاقها وشموليتها، ورفع قدرتها التنافسية وخفض كلفتها.
إنّ عجز الدولة المزمن عن تحمّل أعباء الإنفاق الاستثماري اللازم بسبب الفساد وترهل الدولة وتراكم الدين العام، انعكس سلبًا على قدرة الدولة في تأمين الخدمات العامة ولا سيّما الأساسية منها، كالكهرباء والنقل العام، وهذه الحالة خبرتها دول عديدة واستطاعت تخطّيها من خلال اللجوء إلى الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل مشاريع بنى تحتية ذات منفعة عامة، وتنفيذها وإدارتها.
ــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha