لمى يعرب محمد ||
أصل لفظ استعمار الأرض واستخلافها في اللغة، هو التفويض وعمارتها والتمكين فيها، أي جعل الوسائل والأساليب تحت تصرف من يفوض إليه ذلك العمل، قال تعالى" هو أنشأكم من الأرض وأستعمركم فيها"، والطريف هنا إن القران الكريم لم يقل إن الله عمر الأرض وجعلها تحت تصرفكم، وإنما قال وفوض إليكم اعمار الأرض واستعمارها، وهي إشارة إلى إن الوسائل معدة فيها لكل شيء، وعليكم اعمارها بالعمل الصالح المادي والمعنوي، بما ييسر للإنسان الحياة الطيبة، والسعي المتواصل والسيطرة على كافة مصادرها.
إن عمران الأرض والبلاد هي من غايات خلقة الإنسان في الأرض، ومهمته الوجودية ووظيفته التعبدية، وان عمرانها أمر محبوب عند الله، وبما إن هذا الطلب المحبوب من الله إلى عبيده، يمكننا منه الاستدلال على وجوب الامتثال لطلب المولى ولزوم تحقيق مطلبه.
التمكين هو التكليف وهو مصطلح ذات مسؤولية واسعة وكبيرة، وبعدة مستويات وبأكثر من أمر، فهناك المستوى السياسي لمفهوم التمكين والمتعلق بالأنظمة السياسية، وهناك التمكين الديني والمجتمعي، وفي حقيقة الأمر إن قضية التمكين قضية كلية، وهي أعلى وأجلى صورة من صور التسخير، والتمكين هو القدرة على السيطرة وتوظيف الموارد وتوزيعها والتحكم فيها، واستيفاء كافة أركان النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة أو المجتمع والتسلم الفعلي لزمام السلطة والقرار، ولهذا التمكين خطوات وشروط ومقدمات، إن تحققت تحقق معناه وان غابت تغيب معها، شانه شأن أي نظام أو سنة تلحظ بالقانون والخبرة والمتابعة، الحكومة العراقية الجديدة وموضوع إحكامها بين الأزمات والنهضة، وفقه النصر والتمكين ترصد ملامحها العامة دون النظر إن كان جيل التمكين قائدا أو جنديا، وبالتالي إن تصويب هذا المفهوم بالاتجاه الصحيح وإدراك مضامينه، والتأكيد به للجيل الناشئ مع مراعاة ما ينتظره المواطن لما ما تحت أيديهم من موارد و أمانات، ومن كل شيء مكنهم الله فيها، ولو كان على قدر مسؤولية مواطن واحد، كيف يتحركون فيها فإنهم عنها مسؤولون.
" لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ"
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha