بقلم داود نادر نوشي
الحرية كلمة مقدسة , ناضلت لأجلها الشعوب ومازالت تقدم الغالي والنفيس من اجل تحقيق هذا الهدف والحلم الذي تفتقده الكثير من الامم والشعوب ,حتى بات للكثير منها مجرد أمنيات وأمال صعبة التحقيق في زمن لايؤمن ألا بالقوة منطقا وبالطاغوت سلطان .
ونحن في العراق عشنا هذا الزمن الصعب على مدار عقود من السنين , وختمها النظام الصدامي المقبور لاكثر من خمسة وثلاثون سنة عاش فيها العراق ويلات ومأسي لم ولن يمر بها شعب او وطن . وعلى الرغم من اختلاف العناوين والتسميات لمعنى الحرية ألا ان الهدف الاساسي لوجود الحرية هو التحرر من قدرة الغير على التحكم بك واستغلالك وفق مايراه ويؤمن به .
والبعض يعرف الحرية على انها قدرة الانسان على السعي وراء مصلحته التي يراها وفق منظوره شرط ان لاتسبب ضررا للاخرين , ومن المنظور الاسلامي هي التحرر والافلات من عبودية وأطاعة غير الله سبحانه وتعالى , ولهذا كانت وماتزال الحرية هي هدف الانسان منذ بدايته , والذين يؤمنون بالحرية هم وحدهم اصحاب الاهداف الساميه الذين لايرون الحياة الا عزة وكرامة ولاخيار ثالث لهما فأما الحياة الحرة الكريمة أو كما يموت الاحرار.
ونحن كعراقيين وبعد زوال الدكتاتورية البعثية المقيتة , اما كان الاجدر بنا ان نعطي للحرية ثمنها , وثمن الحرية هي المسؤولية وألا فأن الفوضى هي التسمية الحقيقية لما نحن فية , فأي حرية التي نحن فيها وفينا تسري قوانين العشيرة والتحزب والفئوية , وأي حرية التي نعيشها وفيها روح المواطنة مركونة على أرشيف الماضي , فلا دستور يقيدنا ولاقانون يمنعنا وكأن الصوت الراجح الذي دأبنا على سماعه لاكثر من 35 سنة وهو صوت الرصاص مازال يغلق أسماعنا , حتى بدا لنا أن لاصوت يعلوا على هذا الصوت, ناسين أو متناسين ان الامم والشعوب أذا ما اريد لها النزول الى الحضيض فما عليكم الا كبت الحريات وتكميم الافواه.فكيف لنا أن نمنع الحرية للانسان وقد وهبها الله لنا ( وقد كرمنا بني أدم ) وفق الضوابط والقيود لا الفوضى والعنجهية , وأن ما يحز في النفس ان الحرية التي وهبها لنا الدستور وتكفلت بها الحكومة , يحاول البعض من اصحاب النفوس المريضة ان يطبقها وفقا لشريعة الغاب وتحت مسميات لاتمت الى الواقع بصلة مستفيدين من الواقع المر الذي تعيشة الدولة العراقية وبعض المكونات في محاربة الارهاب والفساد وقوى الظلام التي اتت من خلف الحدود .
والحرية بالنسبة لنا هي النظام والقانون والديمقراطية فلا يمكن التفريق بين هذه المكونات , مثلما لايمكن الجمع بين الحرية والفوضى , والذي يجمع بين الاثنين لايمكن لنا الا ان نضعه في خانة المفلسين والتواقين الى العهد البائد والرجوع الى المعادلة السابقة في نظام الحكم وتقييد الحريات التي كلفت العراق الملايين من خيرة أبناء شعبه , والمنادين بالحرية على هذه الطريقة هم بالحقيقة اصحاب شعارات ومزايدات أصبحت مكشوفة للقاصي والداني ,لأن الحرية ليست شعار يطلق ولاكلمة تقال وانما منهج حياة ونظام ومبادى , وهذه الحقيقة لايمكن التنازل عنها في العراق الجديد مهما كان الثمن, والتضحيات التي اريقت على الطريق كبيرة وكبيرة جدا .
وعلى اعداء الحرية أن يفهموا ان الحرية التي يتخوفون منها هي الضامن الاكيد لوجودهم ومستقبلهم وهي التي تجعلهم احرار غير مستعبدين لهذا وذاك لا كما يتصورون وفق تفكيرهم الضيق والمحدود ان الحرية شر وبلاء وهي بذلك تحاول بكل الصور ان تفتعل المشاكل والازمات لكي تضمن وجودها , فالحرية والنظام والقانون لايحمي بين دفتيه مثل هؤلاء لانهم يفتقدون ثقافة الحرية التي تعني رسم معالم تلك الحرية .
ومثلما ننظر الى العالم المتحضر والذي تبنى الحرية والديمقراطية منهجا لارجعة فيه في نظام حياتهم وبكل احترام وتقدير , لابد لنا ان نضع المنهج الصحيح الذي يضمن لنا ولاجيالنا القادمة العيش الكريم والحياة الحرة , والذي نطلبه من مفهوم الحرية لايعني بأي شكل من الاشكال التحرر من الدين والعادات والتقاليد الحسنة, فهذا مفهوم غير صحيح للحرية التي نريد ونبتغي بل علينا ان نؤمن بما لايتنافى والقيم التي كنا ومازلنا نؤمن بها ومهما يصور لنا أعداء الحرية من انها تجلب لنا الخراب والدمار وعدم الاستقرار فأنهم بذلك يريدون ان يخدموا مصالحهم الشخصية ويبنون وجودهم الذي لايستقر الا في ظل الفوضى وانعدام النظام والقانون ونحن نقول لهم مرحبا بالحرية والديمقراطية وبكل عللها وتقلباتها وأمزجتها فبها نحيا ولأجلها نموت بقلم داود نادر نوشي
https://telegram.me/buratha