رسول حسن نجم ||
ثلاثة مشاهد عاصرناها في الصورة العراقية القريبة (بدون الوغول الى عمق التاريخ وبطون الكتب) وشهودها مازال أكثرهم أحياءٌ يرزقون :
المشهد الاول : عام ١٩٩١ في الإنتفاضة الشعبانية المباركة ، حيث شَكّل السيد الخوئي قدس سره لجنة لقيادتها من العلماء ، بعد أن أسقطت الجماهير العراقية الغاضبة في الوسط والجنوب حكومة البعث وأدواته بمايسمى بالفروع والمنظمات الحزبية ، فكانت ثورة شعبية عارمة حررت محافظات البصرة والعمارة والناصرية والسماوة والنجف الاشرف وكربلاء المقدسة والحلة والديوانية والكوت وديالى وهي المحافظات الشيعية ، ولولا مساندتها من قبل المرجعية العليا لما حظيت الانتفاضة بهذا الانتشار الواسع ، علما ان السيد الخوئي قدس سره كانت قيادته لها بحذر شديد لما كان يستشرف من تدخل العامل الدولي في اي لحظة ، وذلك بإعطاء الضوء الأخضر لصدام لقمعها ، وقد حصل ذلك.
المشهد الثاني : صلاة الجمعة التي أقامها السيد محمد الصدر قدس سره عام ١٩٩٨ ، اي بعد حوالي السبع سنوات من الإنتفاضة الشعبانية ومازالت صورها لم تفارق عيون الجماهير من قمع وابادة جماعية وهتك للمقدسات والحرمات ، ولأن صلاة الجمعة كانت صرخة مدوية بوجه صدام والبعث ، لم تمنعهم تلك الصور من الالتفاف حول السيد الشهيد ، حتى ان مسجد الكوفة المعظم الذي يتسع لستين الف مصلي غاص بالاعداد الغفيرة لهم ، وفي احدى الجمع التي دعى فيها السيد محمد الصدر المصلين من عدة محافظات ، كانت الاعداد خارج المسجد ضِعفَي مابداخله أو أكثر ، وصلينا تلك الجمعة قرب (البانزين خانة) التي تبعد عن المسجد حوالي المئة متر طولا ، وأُغلق شارع كوفة- نجف قُبالة الجهة الغربية من المسجد ، وهي أرقام مهولة آنذاك لم يشهدها تجمع شيعي منذ استلام البعث لدفة الحكم عام ١٩٦٣.
المشهد الثالث : فتوى الجهاد الكفائي المباركة التي أطلقها آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله الوارف في العام ٢٠١٤ ، بعد احتلال ثلث العراق من قبل القوى الظلامية صنيعة الاستكبار العالمي ، حيث لبّى الملايين من شيعة العراق هذا النداء ، وحموا الأرض والعرض من دنس تلك الجيوش وشذاذ الآفاق ، وضحوا بالغالي والنفيس ، فرفعهم الله مكانا عليا ( وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا).
· الدلالة فيما سبق :
١ - إن شيعة العراق وهم الأغلبية العظمى من العراقيين ، لايلتفون عقائديا حول سياسي الّا اذا كان تحت ظل المرجعية العليا قولا وفعلا ، فعليكم بالمرجعية وطلب رضاها ، فإنها لاتطلب الّا رضا الله والشعب في الخلاص من الفاسدين ومحاسبتهم ، وإرجاع الاموال المنهوبة على مدى تسعة عشر عاما من الضياع والهدر .
٢ - لايغرنكم التفاف ساسة الكرد معكم ، ففي الإنتفاضة الشعبانية أفرزوا أنفسهم عنا وأسموها بالإنتفاضة الوطنية ، وهو تعبير عن المصلحة القومية لهم وعدم إلتقاء الإنتفاضتين ، وهذا مالمسناه بعد ٢٠٠٣ في استفتائهم.
٣ - لاتنخدعوا بوعود الساسة السنة ، فهم كما عبر عنهم أحد الكتاب بقوله ( ان انتظار السنة العرب للمشاركة بالانتفاضة"يقصد الإنتفاضة الشعبانية" هو شبيه بانتظار (غودو) في مسرحية (صموئيل بيكت)، فهم لايشاركون باي عمل احتجاجي وتمرد عسكري وشعبي ضد النظام السني الطائفي، فالمصلحة المذهبية العليا هى التي تحدد توجهاتهم وتحركاتهم وليس النزعة الانسانية او الوطنية).
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha