سلمى الزيدي ||
إن ما يحتمه الواقع وتتطلبه المرحلة الراهنة تمشيا مع التوجهات العامة وسعيا لمواكبة الإرادة السياسية للبلد أن تفهم الاغلبية الداعمة لبناء عراق مستقر بعد عقدين من الإرتباك المؤسسي، أن النوازع الذاتية، وتكريس ثقافة الانقسامية، لم تعد الطريقة الأمثل ولا السلوك الانجع ، فذوي البصيرة وحدهم هم الذين بمقدورهم فهم التحول السياسي الذي تعيشه بلادنا، والمتأملون فيما آلت أليه الأمور بعد هزة تشرين وما رافقها وتلاها من أحداث، سيدركون بلا شك أن مرحلة تأسيس جديدة قوامها الإنصاف والعدالة بزغ نجمها.
هذه الحصيلة التي توصل اليها جميع الفرقاء السياسيين، تقتضي بناء رؤية عقلائية عقلانية، وتتطلب الإرادة الجادة منا في الأغلبية الداعمة لرئيس الوزراء المكلف الأستاذ محمد شياع السوداني، وتحتاج الى تكاتف الجهود ومواكبة قوية ونبذ الخلاف وصراع المصالح الفردية.
بل إنها فرصة تستحق الدعم من كل القوى الاجتماعية والسياسية ذات التأثي ، لإحداث قطيعة تامة مع مسلكيات كانت إلى الأمس القريب مصدر ثراء لبعض من تصدروا المشهد السياسي والاقتصادي في غفلة من تاريخنا الراهن دون أن يكون لذلك الأثر الايجابي على الوطن.
إن المقاربة السياسية السليمة لا تحتاج لأكثر من قراءة ، فقط هي بحاجة الى إمتلاك رؤية واضحة تعتمد بعث روح المواطنة والتربية الوطنية سعيا لقيام العدل بين الناس وإشاعة روح التضامن الوطني ، ولانحياز للشعب عموما والفقراء والمتعففين خصوصا وانصافهم بعد ما عانوا من الضياع والتيه.
إن إشراك الجميع في معركة التنمية من منطلق القناعة بأن كل الجهود يحتاجها الوطن حتى نصل بر الأمان هو السياق الذي تتنزل فيه أمالنا بعراق خال من الفساد سعيا لتقوية الجبهة الداخلية وتعزيز عرى الثقة بين الفاعلين في المشهد السياسي وهو أمر يتطلب من النخبة وأصحاب الرأي ادراكا عميقا لتلك القيم في معانيها ودلالاتها، والحرص على المضي بها قدما نحو مصالحة وطنية تكون فيها السيادة للدولة والقانون والعدالة والحقوق ، بدل الصراع ولي الاذرع بطرق تقليدية متخلقة ، يراهن فيها على النطق باسم الزعيم السياسي والفئة والحزب والقبيلة والجهة من أجل التكسب غير الشرعي على حساب الضعفاء.
لا أعتقد أن تلك الأساليب البائدة من أدوات الفعل المؤثر في بناء المستقبل ، فالذي ينبغي العمل على توطينه في الذهنيات والمبادئ المجتمعبة هو الانحياز للدولة والمصلحة الوطنية كهدف مقدس يسمو على كل الأهداف مهما كانت وجاهتها ، الأمر الذي يجعلنا نستشعر أهمية الفرصة واللحظة التاريخية لنقدم تضحياتنا السياسية سبيلا للرفع من أداء منظومتنا السياسية، ومساهمة في بناء وطن يفخر به الجميع ، تحكمه أسس العدل والضوابط القانونية بعيدا عن الزبائنية والمحسوبية
حتى نصل في المسقبل القريب إلى مصاف الدول المتقدمة.
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha