د.علي المؤمن ||
سؤال مكرر من بعض القراء الكرام حول سبب إقامة أهلنا السنة في بغداد احتفالهم بالمولد النبوي الشريف في مرقد الإمام أبي حنيفة النعمان، رغم كونه طاجيكياً إيرانياً، ولايمت بصلة نسبية أو سببية الى النبي، ولا يقيمونه في مرقد الإمام موسى الكاظم، حفيد النبي ووريثه الأسري والديني.
أجيب: هذه العادة أسسها الأتراك العثمانيون قبل (٥٠٠) سنة تقريباً، بعد أن احتلوا العراق، وفرضوا تقاليدهم المذهبية الحنفية على تقاليد سنة العراق العرب وعاداتهم الاجتماعية الدينية. وبما أن الاحتلال العثماني للعراق استمر أكثر من أربعة قرون؛ فلعل من الطبيعي أن تكون أغلب عادات الأتراك العثمانيين وتقاليدهم الاجتماعية الدينية قد تأصّلت لدى أهلنا السنة في العراق، ولاتزال قائمة حتى الآن.
أما لماذا كانت الدولة التركية العثمانية تتبع المذهب الحنفي؟؛ فإن السبب يعود الى كون أبي حنيفة هو الفقيه السني الوحيد الذي لم يشترط بخليفة المسلمين أن يكون عربياً قرشياً، وهو ما جعل السلاطين العثمانيين يتبعون مذهبه، من أجل كسب الشرعية الدينية لموقعهم كخلفاء للمسلمين السنة. ولذلك؛ كان من الطبيعي أن يحتفل الأتراك العثمانيون بالمولد النبوي في مرقد الإمام أبي حنيفة، ولا يحتفلون في مرقد حفيده الإمام الكاظم، لأن بينهم وبين الكاظم فاصلة نسبية وسبيية وروحية ونفسية كبيرة.
وربما كان ينبغي بعد جلاء الاحتلال التركي عن العراق في العام 1917، تغيير هذا التقليد التركي عند أهلنا السنة في العراق، بل تغيير الكثير من التقاليد والمصطلحات والمفاهيمهم التركية الاجتماعية الدينية، ومنها النظرة الموروثة الى شيعة العراق، حين كان الأتراك العثمانيون يعدون العراق ملكهم الحصري، وأن بغداد هي البوابة الشرقية للعالم السني، وأن الشيعة رعايا من الدرجة الثالثة، عليهم واجبات وليس لهم حقوق.
هذا التغيير ينبغي أن يستند الى حقائق الجغرافيا السكانية للعراق، حتى يقتنع أهلنا السنة بأنهم شركاء في الوطن، وينسوا أنهم أصحاب الوطن حصراً، وأن من يفكر بغير عقلهم الموروث فهو طائفي وليس وطنياً، وأن شيعة العراق مجرد رعايا لدولتهم العراقية، وجنود لحروبهم، وخدام لحكوماتهم، وأبواق لزعمائهم، وكما وصفهم طلفاح التكريتي (خال صدام حسين) في العام 1977 خلال انتفاضة النجف في صفر: ((الشيعة نِزل ويدبچون)).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha