كوثر العزاوي ||
إنّ المجتمع الصالح الذي لايطمع فيه العدو، ويُشرِق فيه الحقّ ويعلو، يتقوّم بأمرين: صلاح الراعي، وصلاح الرعية: أما صلاح الراعي فبعلمهِ وإخلاصهِ وحرصه على رعيّته وبلده، إضافة الى كفاءته وأهليّتهِ للقيام بأعباء الحكم وتحمّل المسؤولية وإدارة البلد إدارة صالحة،، وأمّا صلاح الرعية، فيتقوّم بالنّصح والإخلاص للراعي الشريف، فالتعاون على الخير والنفع العام للمجتمع وحفظ الأمانة، فإذا قصّر الراعي بواجبه، أو تمرّدت الرعية أمام القانون وتقاعست وأغفلت مسؤوليتها، فُقِدَ الأمن، وعمّ القلق والفوضى وشُلَّت الأعمال، واختلّت موازين الدولة!
ومن هنا نستخلص مفهومًا لحاضرنا، أنّ الحاكم والرئيس والكابينة الوزارية بما فيها، بِدأً من أعلى سلطة إلى أدناها، مرورًا بمؤسسات الدولة ومدرائها العامّين ومعاونيهم، وصولًا إلى أدنى وظيفة يتقلّدها مواطن في الوزارات ومجالس المحافظة ومديريات التربية والتعليم والصحة والبلدية والأمن بل وفي كل مِرفقٍ من مرافق الدولة وكل بناية حملت عنوانًا رسميًا!، كلّ هذه المفاصل إنما تمثّل أحد القطبين المهمّين{للدولة} كما بيّنا إذ تعتمد عليها ولا استغناء لإحدهما عن الآخر وكلاهما يمثّل الأدوات والذرائع الموصِلة إلى الاستقرار والقوة، كما أنهما الوسائل التي بها قِوام البلد من حيث القوة والضعف والسطوة، كونهما المعتَمَد في البناء والإصلاح وحفظ الأمن وسلامة الشعب وسمعتهِ بكل فئآته وطيفه، ولهما مالهما من حقوق كما عليهما واجبات.
وثمة عامل مشترك بينهما -الراعي والرعية- كلاهما لايعفى منه: أنها "تقوى الله" في حقوق الناس أولًا، وحفظ الأمانة ثانيا، وصون الحُرُمات و المقدسات ثالثا، واحترام الإنسان بما هو إنسان سيما العاملين منهم والمدافعينَ رابعا،
علاوة على ذلك، انّ من شأن الشعب والمواطن أن يفخر ويحترم ويقدّر مَن يسعى لخدمته ويسهر على حمايته، ليشعر أنه في كنف دولة قوية أمينة تحفظ له كرامته وكيانه فضلا عن ممتلكاته، فليس ثمة حاجة وأكثر ضرورة من الأمن والأمان والاستقرار، كي تستقيم الحياة ولو نسبيًا من باب - استراحة مقاتل- سيما في العراق حيث لاراحة ولا استقرار الا في دولة العدل المقدس، ولكن يبقى اعتقادنا وأملنا بأنّ كل خير واستقامة إنما هو تمهيد لمحطةٍ أجمل وأعدل وأقدس، لانّ نقطة انطلاقها الحاكم الذي يحكم والراعي الذي يرعى، وإنّ العافية والأمان قطبان يتجاذبان ويتنافسان في حفظ كيان الأمة وانسانية الإنسان، فإن تعطّل أحدهما فقدْ أحدث نقصًا وتأخيرًا في عجلة الحياة باتجاه الباعث للعطاء واستنهاض الهمم وتحفيز الطاقات، وفي هذا الصدد وردت
عبارة منسوبة إلى سيد البلغاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب"عليه السلام"{نعمتان مجهولتان، الصحة والأمان} وهي كلمات تعبّر عن معادلة تمثل في طرفيها ديمومة الحياة وازدهارها، فالصحة تعني النشاط الفردي الجسدي والنفسي، وفي المقابل" الأمان" الذي يمثّل البيئة الاجتماعية السليمة من الفساد والعنف والفوضى في ظل حكومة خدمات صالحة تعتمد الضمير وبنود الدستور الذي أقرّت، والقَسَم الذي ردَّدت!! وبذلك تصبح الفرصة مواتية لتكوين شعب ذو قدرات وطاقات وصناعة سواعد وعقول حرة في سبيل الخير والبناء والرفاهية والصلاح، فإذا صلح الراعي صلحت الرعية، ليست كلمة عابرة إنما هي مشروع إنساني مقاوِم مقابل المشروع الأمريكي
والبريطاني الذي طالما يسعى إلى عزل القوى السياسية العراقية الخيّرة والحيلولة دون تقدّم البلد وازدهاره، وتسفيه جهود وبطولات القوى المقاوِمة من أبناء حشدنا المقدس التي ردَعت إرهاب داعش وأبطلَت مخططات الاستكبار العالمي وأدواته في الداخل والخارج.
١٧ربيع الأول١٤٤٤هج
١٤-١٠-٢٠٢٢م
https://telegram.me/buratha