المقالات

المكون الفيلي بين المظلومية والهوية


سعاد حسن الجوهري ||

 

لكل مكون من مكونات شعب العراق هوية يعتز بها كونها تمثل جذوره الضاربة في عمق ارض آبائه واجداده. وهنا تكمن اهمية هذه الهوية في تعريفه للاجيال وضمان حق المواطنة لديه فضلا عن الحفاظ على حقه المشروع في صنع القرار بالبلاد.

فالمتطلع لتاريخ المكون الكردي الفيلي يلمس بوضوع ارتباطه بجذوره الضاربة في عمق التاريخ والتي لا تحدها حدود فرضتها الانظمة السياسية بالوقت الراهن. فالى جانب تشعب اماكن سكنى هذا المكون في مناطق عديدة وامتدادات واسعة تبقى بغداد الحب والسلام تلك الأم الحنون التي احتضنتهم في كرخها ورصافتها واصبحت هويتهم التي يتغنون بجمالها وعذوبة دجلتها وصفو عيشها قبل ان تحل عليها وعليهم وعلى جميع العراقيين نازلة البعث الشوفيني التي نسفت وحطمت كل شئ قبل ان تصادر كرامة الانسان وحاضره ومستقبله.

فالمؤرخون والروائيون ما انفكوا يستذكرون كل بقعة بغدادية احتضنت الفيليين كغيرهم من شرائح المجتمع البغدادي على مدى عقود لا تحصى.

فها هي مناطق العاصمة الاصيلة كالفضل والمهدية وقنبر علي وابوسيفين ومحلة بني سعيد ودربونة العانة وعكد الأكراد ومحلة القشل ثم الصدرية وباب الشيخ ورأس الساقية وفضوة عرب والفناهره والتسابيل وغيرها تحكي ارتباط الفيليين باهلهم البغداديين سنة وشيعة واديان اخرى لتجمعهم هوية واحدة وعيش بسيط ومشترك.

كل هذا كان قبل ان تحل على العراق وشعبه لعنة البعث الاسود التي اتت على الحرث والنسل لتجعله هباء منثورا وتعصف بالمجتمع المتصاهر المتآخي كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف. فكان القرار المشؤوم الصادر عن ما يسمى بمجلس قيادة الثورة الظالم لتتعرض هذه المناطق الشعبية البغدادية الرائعة إبان السبعينيات من القرن الماضي إلى أشرس حملة تطهير من قبل السلطات لينطلق معها قطار التهجير الظالم والاعتقالات التعسفية والتسفير القسري والحجز الاجباري ونشر الرعب. ولم يقف الامر عند هذا الحد ليتم استئنافه في موجة مماثلة وظالمة اخرى مطلع الثمانينيات طالت هذا المكون المسالم الذي لم يكن له جرم الا الانتماء لهذه الارض المقدسة الطاهرة.

لكن عصابة البعث كانت قد وجدت لنفسها ذريعة باطلة وتهمة جاهزة لتبرير فعلتها الشنيعة حيث الصقت بالكرد الفيليين تهمة عدم الانتماء للعراق زورا وبهتانا.

المسلسل التراجيدي هذا لازال يوخز الضمير الحي كونه انطوى على ابشع الممارسات التترية والنازية والشوفينية والارهابية بحق مكون مسالم وطيف اصيل من اطياف شعب هذه الارض بغير وجه حق.

والا كيف بالامكان تفسير اصدار ما يسمى بمجلس قيادة الثورة المنحل قرارا يقضي بالتفريق بين الأزواج وزوجاتهم ومصادرة أملاكهم المنقولة وغير المنقولة؟ واي شريعة سماوية سمحاء تبيح اطلاق عمليات التطهير العرقي بهذه الصورة البشعة؟ وما مبررات التغييب القسري مع السجن السياسي ومن ثم المقابر الجماعية وغيرها من الممارسات اللااخلاقية المجحفة التي مورست ضد الكرد الفيليين في صورة يندى لها جبين التاريخ؟ واخيرا.. باي حق يمنح احد لنفسه اقتلاع مكون كامل من جذوره ورميه ما وراء الحدود يجابه مصيره المجهول وسط صمت دولي مطبق؟

ثم يضاف سؤال آخر: بعد هذا العرض الوجيز هل بقي من شك في ارتباط المكون الفيلي الوثيق ببغداد والعراق؟

 

ــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك