المقالات

العراق والحرب الأهلية.. هل سينزلق لكماشتها!


محمد حسن الساعدي ||

 

لايسهل الاختيار بين إن كان وقع الأحداث المتسارع أثر في الأوضاع السياسية، أم ان الاخيرة أدت للاحداث..

خصوصا بعد أن بدأت تنتقل من التلميحات والتصريحات إلى المواجهات، والتي ظهرت جلياً في أحداث الخضراء الأخيرة، ودخول أتباع التيار الصدري إلى مجلس النواب وسيطرتهم عليه، ومنع انعقاد جلساته، ووصولهم إلى مجلس القضاء الأعلى، بل والأكثر من ذلك الاشتباك المسلح، والذي تطور إلى قصف الخضراء بالهاونات، وآخرها أحداث "ليلة الهرير السياسي" وكيف كاد الصدريون أن يحققوا إنهاء وإسقاط العملية السياسية برمتها، ولم يبقى حينها سوى خطوة واحدة وهي إعلان البيان رقم "1"!

الصدر ليست المرة التي يعلن اعتزاله العمل السياسي، والاعتكاف بل ذهب أكثر من ذلك، إلى إصدار بيانات ضد أتباعه ولأكثر من مرة، وعلى الرغم من كونه شخصية دينية ترتدي"العمامة" لكنه لم يستطيع لحد الآن، أن يكون زعيماً روحياً أو ممثلا للشيعة، على الرغم من محاولاته ليكون كذلك ولكنها كلها فشلت.. فدينيا وعقائدياً وحتى عرفا، من يمثل التشيع هو المرجع الديني الأعلى للطائفة.. ووجودها في النجف الاشرف، يلغي كل محاولات استغلال هذا المنصب، وهي المخولة الوحيدة للتحدث بأسم الشيعة، وتأثيرها بات واضحاً، ورغم أن  هذا التأثير يمتد لعشرات السنين، لكنه صار واضحا على الواقع الاجتماعي والسياسي، وتحديداً بعد عام 2003 .

رسالة السيد الحائري وهو المرجع الروحي للتيار الصدري، وإعلان اعتزاله العمل المرجعي، مثل صفعة قوية لأحلام السيد الصدر، بالاتساق مع الرسالة التي وصلت إلى الأخير، التي حملته المسؤولية القانونية والشرعية، في أي تهديد للسلم الأهلي والمجتمعي للبلاد!

استهداف التيار الصدري لإيران  من جانب اخر، هو احد الأسباب التي جعلت الجميع ينظر إلى إن هذا الصراع، بشكل كأنه يعكس ويصور أنه "البطل المعادي لإيران" وما سواهم عملاء وذيول لها، بينما المتابع للمشهد عموماً، يعرف تماما إن احد أسباب وجود التيار الصدري، وقوة نفوذه على الأرض هي طهران، في كثير وقت من الأوقات.. وكما هو الحال في علاقات طهران مع مجمل القوى السياسية العراقية، سواءً الشيعية والسنية والكردية، لذلك يحاول التيار الصدري الاستفادة من المشاعر الشعبية، المعادية لإيران في العراق، ويركب موجتها..

اليوم الصورة تبدوا مغايرة تماماً لما كانت  عليه سابقاً، وخصوصاً بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي عكست تحولا كبيراً في المشهد السياسي، وأنتجت أعضاء جدد في البرلمان ونواباً مستقلين، وربما فيهم من يختلف مع السياسية الإيرانية في العراق، وأن كانت هذه تغيرت هي الأخرى مؤخراً، حيث باتت فرص طهران للتدخل ضئيلة جداً ولا تقتصر سوى على تقديم النصح "أن طلب منهم" ليس إلا، لقناعتها إن السياسيين العراقيين لايمتلكون الإرادة، في إيجاد المشتركات فيما بينهم لحل مشاكلهم.

أي محاولة من الإطار التنسيقي لاستعداء التيار الصدري، لن تكون بمصلحة الجميع ولا العملية السياسية ككل.. لان الأخير يمتلك أدوات إعلان الحرب على الجميع، ووسائل نقلها لتصبح حربا أهلية، كما يمتلك وسائل للتحريض، وما شهدناه من صراع دموي في البصرة ما كان إلا مشهدا صغيرا من السيناريوهات المعدة لذلك..

هذا كله لايمنع وجود الضمانات الكفيلة بمنع أي انزلاق لهذه الحرب، كذلك موجود عوامل مؤثرة قوية، ومنها وجود المرجعية الدينية العليا ودورها الأبوي، والذي كان واضحاً في الأحداث الأخيرة التي حصلت في بغداد، وتحديداً في المنطقة الخضراء..

لذلك وبناء على ما تقدم فان مبررات الحرب الأهلية وأسبابها متوفرة، لكن قناعة الجميع أنهم سيكونوا خاسرين فيها، وأن الضحية سيكون الأبرياء وأسباب أخرى موضوعية، هي من تجعل معطيات قيامها صعبة، وأن ليس أمام القوى السياسية عموماً سوى الجلوس للحوار، والخلوص إلى تفاهم جدي يحمي السلم الأهلي والمجتمعي، من خطر الانزلاق إلى الاقتتال والذي سيكون هذه المرة بين أبناء المذهب الواحد.

 

ــــــــــــــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك