المقالات

إيران وشيعة العراق...


احمد سالم الحسناوي   ||

 

تأخّر إسقاط نظام صدام أكثر من عشر سنوات، لأن محور أمريكا لم يرغب بتولي الشيعة الحكم في أحداث الانتفاضة الشعبانية، فذلك يعني تشكيل محور قوي في المنطقة يضم إيران والعراق. فخففت الضغط عن النظام وسمحت له بقمع الانتفاضة.

كانت الحكومات الخليجية ومن فوقها أمريكا قد توصلت الى أن نظام صدام لم يعد صالحاً للبقاء، لكن المعضلة التي واجهتها أن الشيعة سيكون لهم الموقع المتقدم بحكم الأغلبية السكانية، وهذا أمر مرفوض لا يمكن القبول به.

في خطابيهما عشية الحرب، ألقى جورج بوش وتوني بلير آخر خطابين لهما عن الساعات القليلة القادمة التي ستبدأ فيها العمليات العسكرية، وكان الخطابان موجهين للشعب العراقي وقد أكدا على أن تجربة عام ١٩٩١ لن تتكرر، واعترفا بأنه كان خطأَ جسيماً وقعا فيه عندما سمحا لصدام بالبقاء.

لقد انتظرت أمريكا تلك السنوات من أجل أن تصل الى حلّ لمشكلة القوة الشيعية الصاعدة في حال اعتماد نظام ديمقراطي في العراق، وكانت النتيجة التي توصلت اليها، إسقاط نظام صدام وإسقاط الدولة معاً، واعتماد نظام سياسي يقوم على المحاصصة الطائفية لسهولة التحكم فيه من جهة خلق الأزمات، وهذا ما كان.

سارعت أمريكا بتجنيد أجهزتها ودفع الحكومات الخليجية لخلق الفوضى في المناطق الشيعية، فظهرت التشكيلات السرية القائمة على عقائد منحرفة تحت عناوين مرتبطة بالامام المهدي عليه السلام، وبرزت مرجعيات دينية مصطنعة، وانتشرت ظواهر غريبة لم تكن مألوفة من قبل.

لجأت أمريكا ومحورها في المنطقة الى نشر ثقافة العداء لإيران بأساليب عميقة، وقد سقط بشراكها العديد من المثقفين والاعلاميين ورجال الدين، وهذا ما كانت تستهدفه باعتبار أن هذه الفئات قادرة على صناعة رأي عام في الأوساط الشيعية الشعبية. في مقابل تشجيع القيادات السنية والكردية على الارتباط أكثر بالمنظومة الإقليمية التابعة لها والمطبّعة مع إسرائيل.

كان ضباب الخديعة الأمريكية ـ الخليجية كثيفاً بحيث أنه حجب الرؤية الواضحة عن أعين البعض من الشيعة، فصاروا يبادلون الدعم الإيراني في مجال التصدي للإرهاب، عداءً قائماً على مبررات وهمية. لقد صنعوا منهم ألسنة آلية تلهج بالعداء من دون أن تبصر العين ما يحدق بالشيعة من خطر.

لم يسأل هؤلاء أنفسهم: لماذا ننشر ثقافة العداء لإيران، بينما ينشر السنة والكرد ثقافة الارتماء في الحضن التطبيعي المعادي للشيعة في تركيا والأردن والدول الخليجية؟

لم يُحرّك هؤلاء عقولهم لمعرفة أن الصراع في المنطقة يعود في حقيقته الى العامل الطائفي، وأن ذلك يستند الى عقود طويلة وسيستمر أكثر في المستقبل. فأمريكا والحكومات الخليجية لا تتراجع عن عدائها للشيعة، ولن تترك محاولة تفكيكهم، وجعلهم يتصارعون فيما بينهم، في الوقت الذي تبني فيه حاجز الفصل بين إيران وشيعة العراق.

قوة الشيعة في العراق في تماسكهم أولاً وفي الحفاظ على علاقاتهم الوثيقة مع إيران، ولا أهمية لمن يتهم ويشكك. فذاك حزب الله في لبنان يحظى بالقوة والثقة التامة بالنفس ويصرّح رسمياً بقوة علاقته مع إيران، لأنه يفهم السياسة ويعرف معادلاتها في المنطقة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك