المقالات

مشوب بالدوغمائية


محمد شريف أبو ميسم ||

 

ينطوي مفهوم الصراع على تفسير الكثير من جوانب الحياة الاجتماعية، مثل الاختلاف الاجتماعي أي كان شكله، وتعارض المصالح بين الأفراد والجماعات أو المنظمات. ويرى فيه البعض حالة سببها تعارض حقيقي أو متخيل للاحتياجات والقيم والمصالح قد تصل الى حالة النزاع وانسداد سبل الحل القائمة أو المتاحة، وفي كلا الحالتين ينتفي الصراع في حال الوصول الى نقاط التقاء، اذ يعي المتصارعون في كل بقاع الأرض مآلات أشكال الصراع فيلجئون الى البحث عن نقاط مشتركة تجنبا للصدام وتبعاته.

لكن أن يكون الصراع بين الجماعات في التشكيل المجتمعي الواحد والمتصارعون بصدد الدفاع عن الاحتياجات والقيم والمصالح المشتركة ، فهذا أمر جدير بالدراسة والتأمل، ليس لأنه أمر غير وارد على الاطلاق، بل لأن أسبابه غير قائمة على ما هو متعارف عليه الا في حال تدخل خارجي، اذ ان هنالك تطابق شعاراتي بين طرفي النزاع وهم بصدد الدفاع عن المصالح أو المباديء، فضلا عن القناعة المطلقة بعودة الضرر على الطرفين في حال انزلاق الصراع الى مرحلة النزاع.

وهنا تحوم السببية حول الفردية، في ما تختبأ أحيانا وراء الدوغمائية بالعودة الى المعتقد حيث لا جدال عقلي أو منطقي حيال ذلك، فيكون من المثير للسخرية والشفقة أن توظف لصالح من كان معنيا باثارة الصراع وهو يقف على بعد فتنة وتهديد بانزلاق الى ما لا يحمد عقباه، ثم استدامة النزاع بشكل يخيم فيه على الأجواء. بحيث لا يبقى أمام المنهج العقلي في ضبابية المشهد سوى طرح السؤال التالي: من يقف وراء ذلك؟ أو من المستفيد؟ انطلاقا من مبدأ السببية القائم على علة كل حدث في الوجود.

والأقرب هنا ونحن ازاء صدمة مجتمعية عمرها نحو تسعة عشر عاما ، ما جاء به الاقتصادي الأمريكي "ميلتون فريدمان" الذي عرف بلقب طبيب الصدم الاقتصادي، اذ يرى أن الأزمات فقط، حقيقية أو متصورة، تنتج تغيرا حقيقيا في المجتمعات الرعوية، حينها وفي ظل هذا الخوف من منزلقات لا تحمد عقباها تتوج الصدمة التي أفقدت العقل الجمعي القدرة على البحث والتأمل في مساحة السببية ، فيكون القبول بالحلول الخارجية الجاهزة، لتكون كل الظواهر والأحداث التي أربكت عقدين من عمر الوعي الجمعي الذي أصابته الصدمة مجهولة السبب، أو انها معلقة على شكل ظاهري هو نتيجة ليس أكثر. وهنا  نجد فريدمان مقتنعا بضرورة التحرك سريعا، لفرض تغيير دائم قبل أن يصحو العقل الجمعي من غيبوبته، ويعود المجتمع الذي اجتاحته الأزمة إلى رشده، لذلك نقول اننا سنشهد متغيرات اقتصادية هذه الأيام.

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك