لمى يعرب محمد ||
معاوية بن أبي سفيان، من أحد الأشخاص الأربعة الذين يصفون بدهاة العرب، والداهية هو واسع الحيلة والمكر في تدبير الأمور، فأخذت مقولة "شعرة معاوية" مثالا يحتذى بها في التعامل، هذه المقولة التي تدخلت في أحكام السياسة العامة، ومبدأ لخبث السياسات في الوقت الحاضر، صاحب الدهاء والمكر هو من يحافظ على شعرة معاوية فهو الطريق الأسلم لتحقيق غايته، يحكى إن معاوية صعد المنبر ذات يوم وخطب في الناس وقال: المال مال الله وأنا خليفة الله إن شئتُ أعطيت وان شئتُ منعت، فلم يتكلم أحد من الجالسين وفي اليوم الثاني كرر معاوية نفس كلامه فلم يتكلم احد، وفي اليوم الثالث كرر أيضا نفس الكلام، فقام له أحد الجالسين وقال: لا ..المال مالنا وان منعنا أحدا منه حاكمناه إلى الله بسيوفنا، اعتقد جميع الجالسين إن أمر هذا الرجل قد انتهى وسلبت حياته، وفعلا تم اصطحابه من قبل الشرطة وإدخاله على معاوية، وفي اليوم التالي تفاجأ الناس إن الرجل جالس بجانبه، فسألوا معاوية ما الخبر؟..
قال معاوية سمعت عن رسول الله(ص): يكون على الناس ولاة يقولون فلا يرد عليهم أحد أولئك يتقاحمون على النار يوم القيامة تقاحم القردة، وأنا خفت أن أكون منهم لما لم يعترض علي احد في اليوم الأول والثاني، وفي اليوم الثالث اعترض علي هذا الرجل، شكرت الله لأني علمت إني لست من هؤلاء الولاة، لو تأملنا هذه الحادثة نرى إن معاوية قد عالج هذا الموقف بعلاج غير علاج السيف وهو علاج "شعرة معاوية" في إسكات المعارضين لحكمه.
لا زالت هذه الشعرة تأخذ بنا ذات اليمين وذات الشمال، وربما تنمو وتتكاثر في رأس الأصلع والأشعر، لا سبيل لقطعها لان الأهواء قد تلاعبت في جمع وتفريق المقصود، وباتت الانقسامات قائمة على قدم وساق والتي أساسها تقاطع المصالح والمنافع مع أنفسهم والسلطات المهيمنة، بغض النظر عمن تكون هذه السلطات، تبقى شعرة معاوية تتأرجح بين الحد الفاصل والقشة التي تقصم ظهر البعير..