المقالات

كُلنا للعراق ..

1151 2022-08-14

ا.د جهاد كاظم العكيلي ||

 

الإعتزاز بالهوية الوطنية يُشكل جانبا مُهما من جوانب وجود الإنسان في محيطة الإجتماعي، أينما يتواجد في هذا الكون الواسع، الذي يُضم أجناسا مُختلفة من البشر، حيث تعتز كل مجموعة ببقعتها الجغرافية كونها تُشكل وجودها التأريخي وإمتداده الحضاري على مَر الزمن ..

وشواهد التأريخ بعمقه ووجوده هذا، كثيرة ما يكفي الشعوب لكي تُعبر بطرقها الخاصة عن إعتزازها بأوطانها، فمثلا عندما تتذكر الكثير من الأسماء اللامعة في عوالم المعرفة والفكر والأدب والثقافة والرياضة وعموم المُبدعين والمواهب من ذوي الطاقات الخلاَّقة، فإنك ستقفز بذاكرتك على الفور، لتتذكر أوطانهم التي ينتمون لها بكل سهولة ويسر ..

والشيئ اللافت للنظر، أنك حينما تسأل هؤلاء أصحاب الأسماء اللامعة لا يعتزون بذكر أسماء أوطانهم التي ينتمون لها وحسب، بل ويعتزون إيما إعتزاز بذكر صفة حضارية او تراثية خالدة إشتهرت بها أوطانهم، ويتفاخرون بها بوصفها دليلا على عظمة أوطانهم ورُقيها وتقدمها ..

فعلى سبيل المثال ترى البريطانيون يذكرون لكَ عظمة بلادهم، ويقولون نحن من بريطانيا العظمى أو الامبراطوية التي لم تغب عنها الشمس، والأمريكون  يتفاخرون بتمثال الحرية الذي شُيدَ قبل قرن ونصف القرن تقريبا  كرمز للحرية، بالرغم من أن الشعب الأمريكي تجمع على الأرض من بقاع شتى، ومن أصول ذات جذور مُختلفة، والمصريون يذكرون لكَ أنهم من بلد الإهرامات أو من مصر أم الدُنيا، وكذا الحال مع تونس الخضراء، وغيرها الكثير من الأوطان العربية والأجنبية التي تحمل صفات مُماثلة ..

أما في وطننا العراق، وبسبب من تسارع الأحداث المُفجعة التي حلت به مُؤخرا، فقد غابت عن أذهان الناس ما كان يتفاخر به العراقيون وينطقون به ويتفاخرون من إنهم من بلاد الرافدين او من بابل وآشور وأكد وسومر او أرض السواد أو الجنائن المُعلقة، وحتى من بلد البوتوسيما (الأهوار) فينيسيا الشرق بسبب من طبيعتها الخلابة ذات الشُهرة العالمية، والتي كان العراقيون ينطقون بها بقوة وثقة عالية، حيث كانت كل هذه الصفات الحضارية حية في وجدان كل عراقي حتى وقت قريب، بل ويتفاخر العراقيون بذكر حتى صفات حضارية او تراثية تتعلق بالكثير من مدنهم كبغداد دار السلام، والموصل الحدباء، وأم الربيعين، وأم الرماح، والبصرة السياب، والنجف مدينة العلم، وكوفة العراق، وواسط المتنبي، واربيل القلعة، والسماوة ساوة، والناصرية ذي قار، حديثة النواعير، وما سوى ذلك في الكثير من المدن العراقية الأخرى ..

واليوم، وقد أمست أرض العراق ومدنه وشوارعها أشبه بخربة او الخربة بعينها، والشعب فيها يُصارع الحياة من إجل البقاء للحصول على نِعمة الماء والكهرباء والخدمات، ولم يَعد المواطن يَعر أهمية كتلك التي كان يُعيرها للوطن ذي الحضارة الضاربة بعمق التاريخ والتراث الخالد، للاسف، فغياب التنمية البشرية والصحية والخطط الصناعية والزراعية وشح المياه، صارت تقلقه اليوم كثيرا بسبب التكالب الدولي الطامع بخيراته وثرواته ..

ولكي يعود شعب العراق من جديد، وينهض من تحت الرماد الذي خلفته دول  العدوان والتعدي أرضه وحاولت ولا تزال تُحاول لانهاء تأريخه الحضاري والإنساني وتراثه الخالد عِبر العصور والأزمنة بكل السبل والوسائل ، فلا بد للشعب أن ينهض  لمُقاتلة الوهم الذي تم زرعه في نفوس أبنائنا، ولنكون بذلك جسرا واحدا يسير عليه قطار العراق،  وهو يُطلق بصوت عال صيحاته الأكبر بفضاء الأرض الخالدة : كُلنا للعراق ..

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك