عمر الناصر ||
عندما كنا في المرحلة الثانوية وتحديدا في فترة المراهقة وقت ذهابنا الى المدرسة ، وخصوصاً اذا ماكانت المدرسة في منطقة اخرى ، نضطر لركوب كوستر وهي باص جميع اهل بغداد يعرفوا شكلها ، دخلت الى العراق في فترة الثمانينيات وهي على ثلاث انواع ، النوع الاول يحتوي على " قمبورة " والنوع الثاني "مقوّس" والنوع الثالث "مضلع "، مازالت تجاهد وتعمل لحد هذه اللحظة في شوارع بغداد على الرغم من مرور زمن طويل على صناعتها.
كنا نعتاد على الجلوس في المقاعد الاخيرة من الكوستر التي يطلق البعض عليها "خانة الشواذي" ، بين مزاح واصوات عالية، وضحك وقهقهة يمتعض وينزعج منا بقية الراكبين في الكراسي الامامية ، اما الركاب الذين يجلسون على الكراسي الوسطية المتحركة فهم اكثر المتململين الذي يضطرون في كل توقف الى القيام ورفع الكراسي لاتاحة المجال للجالسين في " خانة الشواذي " بالنزول ، وخاصة اذا ماكانت تلك الكراسي المتحركة غير صالحة للجلوس ومتكسرة .
لم نعي بأن الحظ والبخت متواجد في خانة الشواذي ، ولم ندرك بأن المستقبل يخفي نصيب جيد وتوفيق لكل من يجلس على تلك الكراسي ، وسيكون له دور كبير ومستقبل وضاء في رسم خارطة الحياة السياسية للكثير منا، ولم نؤمن بأن مسألة الوقوف في اخر الطابور هي ليست بسبة او مثلبة ولا تعني الامتقاص او التقليل من اهمية الشخص ، وانها ليست بمقياس او معيار لاثبات الكفاءة العلمية والقدرات العقلية والعلمية من عدمها ، التي اوصلت من لايفقه شيء بالسياسة الى اهم مفاصل الدولة العراقية ، وعلى گولة المثل الشعبي "الحجارة اللي ماتعجبك تفشخك" ، لكن اعتقد من المفترض ومن باب رد الجميل وكما يرى العقل و المنطق ، علينا ان نتقدم لمعالي " الكوستر" ببرقيتين ، الاولى شكر وتقدير لانها اوصلت من لايستطيع قراءة اسمه الى اهم مراكز صنع القرار السياسي ، والثانية برقية تعزية لاننا لم نستغل الفرصة بالجلوس لمدة طويلة في خانة الشواذي !
انتهى …
خارج النص / الكاتب له خيال وتفكير موسيقي قادم من خارج الكوكب .
https://telegram.me/buratha