المقالات

مدرسة الحسين عليه السلام


سلام الطيار ||

 

شاهد الكثيرون حول العالم بوضوح في العاشر من محرم في ذكرى استشهاد الحسين بن علي عليه السلام البحر العظيم المائج من ملايين البشر الذين لبسوا السواد و خرجوا الى الشوارع في أغلب دول العالم الاسلامي و المسيحي مظهرين اقصى مشاعر الحزن و الألم كل بأسالوبه و بطرق و مظاهر شتى شارك فيها المسلمون و حتى غير المسلمين معبرين في ذلك اليوم بشعور صادق عن ما جال في خواطرهم من الألم و الحزن و الحب و  الانتماء الى هذا الثائر و المصلح العظيم في ذكرى فاجعته يوم واجه هو و من كان معه من رجال و نساء جيشا جبارا يقوده عمر بن سعد بن ابي وقاص مرسل من يزيد بن معاوية لمساومته و تخييره بين أخذ البيعة منه و القبول الرسمي بتولي يزيد أمر المسلمين و أمر دولة الرسول الأكرم عليه و اله الصلاة والسلام أو مواجهة القتل هو و الثلة من أصحابه الذين كانوا معه و بشكل قاطع رفض الحسين عليه السلام المبايعة بقوله (مثلي لا يبايع مثله) و قوله (ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قدْ ركز بين اثنتين، بين السلة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وحُجور طابت و طهرت، وأُنوف حمية، ونفوس أبية، من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ... الى اخر الخطبة)

 حتى وقع القتال و استشهد الحسين عليه السلام و من كان معه دفاعا عن الدين و وقوفا بوجه الانحراف و طلبا للاصلاح و سبيت النساء ليتحول الحسين هو و من جاهد و استشهد معه الى رمز للقيم الشامخة المتعالية و لتتحول اخته زينب و من معها من النسوة الى رمز للصبر و الجهاد و المقاومة . و أمام هذه الحركة التي قادها الحسين بن علي بن أبي طالب و رافقته فيها أخته زينب عليهم السلام و كلاهما من أغصان شجرة النبوة و الامامة المباركة و ثمارها الطاهرة النورانية نقف لنشاهد بحرا من المعاني الرفيعة العالية من العطاء و البذل و التضحية و الصبر بلا حدود .

فكانت ارادة الله تعالى وحكمته ان يجعل ذلك اليوم و تلك الواقعة واقعة كربلاء مصدر الهام و عطاء نوراني اغترف من هذا العطاء من اغترف و استلهم منه الناس كل على قدر فهمه و عمق ادراكه ما كان سببا لحفظ الاسلام و قيمه و تعاليمه و ابقاءه نظيفا أبيضا ناصعا سالما في قلوب الكثيرين و ضمائرهم بعيدا عن عبث العابثين و تزوير المزورين و دنس الخاطئين من امثال يزيد و من شابه يزيد .

و أمام هذه المدرسة الفكرية العظيمة التي تستمد عطاءها و نهجها من الحسين و حركته التاريخية تقف باقي المدارس الفكرية قاصرة تتلاشى مع الايام و يؤول وهجها الى الافول و الذبول شيئا فشيئا في الوقت الذي يقف المؤمنين و العاشقين للحسين و حركته و لخطه الثائر موقف المستزيدين من هذا الهدي و العطاء عاما بعد عام فالكثير منهم اتخذ من شهري محرم و صفر حيث تمتد الفاجعة من العاشوراء الحسيني في محرم الى الاربعين الحسيني في صفر اتخذوا هذا المقطع الزمني فرصة لمراجعة النفس و محاسبتها و مراقبة أعمالهم في قربها او بعدها عن الخط الحسيني .

و يقينا انه من الاصلاح المطلوب على خطى الحسين عليه السلام ان نجعل من محرم و صفر فرصة للعيش مع الحركة الحسينية بأحداثها و شخوصها و فرصة للاستزادة و الاستلهام من قيمها و مفاهيمها و فرصة لمراجعة النفس و محاسبتها على ما اسلفت وعملت في الشهور الماضية و مدى انطباق كل ذلك مع ما تعاهدنا عليه الحسين عليه السلام بالالتزام الصادق و حسن السلوك و العمل وفق مفاهيم هذه المدرسة و خطها الاسلامي الصحيح فنكون حينها قد أدينا بصدق و امانة المسؤولية المتوخاة اتجاه واقعة كربلاء و نكون حقا قد اتخذنا هذا الحدث الحسيني العظيم منهجا متكاملا و تربية متكاملة لتقويم السلوك و الخلق على مدار العام وهو سر الاصلاح المرجو لتصحيح العمل و المسار و المأمول لصيانة الدين و حفظه وفي زمان الغيبة تمهيدا لظهور الحجة و نصرته صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه

ـــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك