الدكتور علي زناد كلش البيضاني ||
إيصال الرسائل يتطلب جهد مضني وتصورات مدروسة قائمة على أسس عقلية لا عاطفية ، والتصور العقلائي يكون في تكوين الرؤية الشمولية والكونية للقضية الحسينية ، فسرّ نجاح الخطاب العاشورائي يتمثّل بالاتجاه العقلي الشمولي غير الانفعالي أو العاطفي ، فنقصد بالأسلمة لا التمذهب هو جعل عاشوراء ذكرى إسلامية عامة لكل الطوائف وليست شيعية فحسب ، وذلك لا يتم عبر الدعوة للمسلمين الآخرين بإحياء الذكرى فقط ، بل لا بد من أن يسبق ذلك خطوات أهمها الدعوة إلى نزع فتائل التفجير من الخطاب العاشورائي وصياغة خطاب توحيدي شمولي يحفظ للذكرى مضمونها الرسالي وتحقيق هدفها الإصلاحي ، ولا يعني ذلك القفز فوق الثوابت والمبادئ ومجاملة الآخر لغرض جلبه للساحة العاشورائية بل يكون نوع الخطاب وطرح المفاهيم هو الطريق الجاذب للآخر ، فصورة الخطاب المشوّه لعاشوراء تُسيء لصاحب الذكرى وأهداف نهضته المعطاءة ، من خلال تقزيم الثورة وصاحبها وحصرها في إطار مذهبي ضيق بما يُشكّل إدانة للآخر ومن ثم نفوره عن هذه الكارثة لأنه سيتولّد لديه تصوّر بأنه المذنب والمقصود من هذا الخطاب ، والدليل ما قام به الشيخ حسن خالد مفتي السنة في الجمهورية اللبنانية أن ينهي هذه القطيعة من خلال محاولته لعقد مجالس في ذكرى عاشوراء ، فبدأ بإقامة أول مجلس عاشورائي برعاية دار الفتوى في لبنان يلتقي فيه السنة والشيعة ، لكنه أُجهض ولم يكتب له النجاح ، وذلك لعدم التفاعل من أبناء مذهبه فصرّح بأن هناك من يتهمنا بقتل الحسين (ع) ويشعرنا بالذنب ، ناسياً أو متناسياً ذلك المفتي إن الإمام الحسين (ع) هو فوق المذاهب وإمامٌ لجميع المسلمين ، وقيم ثورته عابرة لكل المذاهب والأطر الضيقة ، فالإمام الحسين (ع) ليس ملك للتاريخ
، بل هو (ع) بثورته وما تحمل من صور ومضامين ومبادئ وقيم ومعانٍ إسلامية أصيلة هو ملك للإنسانية عبر امتدادها الزماني والمكاني .
ـــــــــــــ
https://telegram.me/buratha