ا.د جهاد كاظم العكيلي ||
كانت الشعوب عِبر التأريخ، تسعى لتحقيق سُبل العيش الكريم في الحياة لتضمن إستمرارية وجودها الإنساني، وذلك من خلال سعيها في التعبير عن ذاتها المُرتبطة بالمصلحة العامة ..
وفق هذا السياق نهضت الأمم، وبَنَت صروحها في مجالات شتى، مُستفيدة من تجاربها وخبرات أجيالها المتراكمة الهادفة إلى بناء وطن يشمل الجميع تحت رعاية أنظمة ودساتير تُنظم حياة الناس، ولذا نجد أن الحُكام او الملوك في الأمم المُتقدمة يسيرون على دين شعوبهم ..
بمعنى آخر يسيرون على رغبات وتطلعات الناس، وليس العكس مثلما يحصل عند العرب، (أي الناس على دين ملوكهم ...) صفة التقديس او الولاء المطلق هي السبغة السائدة عند العرب، ويعتبرها البعض من المُهتمين في الشأن الإجتماعي هي التعبير عن الذات المفقودة عند الكثير التي تطرد العقل والتفكير الواعي، وتجعل منهم ينتمون بلا وعي لغرض تأكيد وجودهم على مساحة الوطن بشكلا عشوائي .. وهذا ما أدى إلى تجزئة الوعي المُجتمعي عند الناس، وأبعدتهم عن غاياتهم الحقيقية حينما تحتاج البلاد إلى حالة من حالات تقرير مصيرها او رسم خطوط واضحة للعبور بها إلى ضفة أخرى من الأمن والسلام ..
وعندها ستكون هذه القدسيات او الطاعة عاملا مؤثرا في تشكيل الوعي الجمعي إزاء مُشكلات الشعب المُتضمنة سوء إدارة الدولة، وفقدان الخدمات العامة التي لها دورا كبيرا في إبراز الوجه الحضاري للشعب والبلاد، وجعلت منهم وسيلة للإضرار بنفسهم وبلدانهم لفرض وخلق رموز ليس لها القدرة في بناء حاضرهم ومستقبلهم،
وعندها ستصبح مشكلة الشعب من داخله ولم تكون محصورة على فئة دون غيرها، فهي مُشكلته الحقيقية وليس مُشكلة النظام القائم، وتمثيل وجوده يجب أن يكون مُتجانسا من مُختلف مكوناته الحقيقة، للمطالبة في التغيير او إصلاح في النظام القائم في البلاد، ما يستوجب أن تكون المسؤولية جماعية تجاه مصلحة عامة حتى تكون أحقية المُطالبة للجميع، وليس فئة او جهة مُعينة التي تذهب فيها روح الوعي الجماعي عند الجماهير تحت شعار الولاء للوطن لا لغيره ..