د.أمل الأسدي ||
قبل شهر حين كانت الناس تستعد لزيارة الإمام الجواد(ع) كنت أرتب أفكاري لكتابة مقال يليق بصاحب المناسبة، وبقيت أكتب وأشطب حتی التقيتُ ببعض الأصدقاء من البصرة وأخذ كبيرهم يروي لنا تحضيراته لزيارة الإمام،وكيف أنه ومنذ سنوات ينقل الزوار مجانا بسيارته الكبيرة(المنشأة)، وعادة يجمع جيرانه وأقاربه ويتوجهون الی بغداد الجوادين بلهفة،يقول: هذا العام قررت أن أستثني جيراني(بيت فلان) لأني أختلفت معهم كثيرا هذه الأيام،فهم (ولائية) علی حد تعبيره!!
مع أن والدتي تكدرت لعدم دعوتهم وخاصمتني!
يقول: الحاصل رأيت في منامي أن شيخا كبيرا يقف في باب الحضرة الكاظمية ويمنعنا جميعا من الدخول، ولم يسمح لنا إلا بعد أن دوّن أسماءنا جميعا بيده وأهمل الأسماء التي كتبناها، وحين سألته عن السبب أرشدني الی سيدةٍ جليلةٍ، كبيرة، مهابة، ولما سألتها أشارت الی السجل، وفهمت حينها أن سبب منعنا من الدخول هو وضعي الرموز مقابل كل اسم، كي أميز الولائية عن ... عن ... عن ... وهكذا!!
بعد أن أكمل سرد رؤيته،حولتها بدوري الی مقال وقلت سأنشره غدا، فأنا أكتب ليلا وأنشر ما أكتبه في اليوم التالي، وقد أعود للقراءة والتغيير والتعديل أحيانا، هذه المرة قرأت المقال كثيرا ومازلت أشعر أنه غير مكتمل، أرسلته لصديق في دولة أخری، اطلع عليه وأشاد به ولم يشعر بأي نقص فيه!!
المهم، لم أقتنع أنا، فوضعت الجوال جانبا، وخاطبت السيدة الزهراء(ع): مولاتي، مع أن المقال عماده أنتِ، لكني أشعر بأنه غير مكتمل!! جودي عليّ بما يكمله!!
غفوت وأنا مازلت أخاطبها، وفي لحظة عروج الروح وتحررها من قيود الواقع،ورحلتها اليومية إلی عوالم يخلقها الله تعالی، ويكتب نهايتها هو، ويقرع جرس العودة هو، رأيتُ جموع الزائرين من كل حدب وصوب، يجتمعون لزيارة الإمام الجواد، ركضت نحوهم، فرأيت الإمام الخميني يتقدمهم!!
بزي إسلامي أسود ويستند إلی عصاه،وقد تحنك بعمامته، والناس خلفه أمة واحدة!!
هنا أدركتُ النقص الذي في المقال، وقررت عدم نشره، فالحديث عن الهوية الإسلامية الموحَّدة،هو عينه الحديث عن وأد العصبية الجاهلية التي حاربها رسول الله(صلی الله عليه وآله) بالقول والفعل، وأحياها بنو أمية ليشغلوا الناس بها،ويتمتعوا هم بالسلطة والأموال والتأمر!! واستغلها كثيرا نظام صــ.ـدام البعثـ.ــي!!
واليوم نسمع أصواتا تدعو لعودتها،وتحرض ليل نهار، وتزيف وتحارب فكر محمد وآل ومحمد، وعلينا جميعا أن نحافظ علی هويتنا كبطاقة موحَّدة، تحمل اسم محمد وعلي وآل علي، فنحن عيال محمد وعلي،وهما أبوا هذه الأمة،ولايرضی الأب أن يفرق أحدٌ بين عياله!
إذن،عاشوراء بطاقتنا الإسلامية الموحدة،وكل قادم إلی الحسين(عليه السلام) هو أخ كريم لنا، وهو شقيقنا في المحبة الحيدرية، والإمام علي يعرفنا جميعا، يعرف أبناءه وبناته وصغاره وصغيراته، والكتاب الذي لايغادر صغيرة ولاكبيرة مازال حاضرا ويدوّن ويسجل، من منّا حافظ علی بطاقته المحمدية العلوية الموحدة،ومن استبدلها بأخری سفيانية!!
حافظوا علی هويتكم،فكلنا ننتمي إلی قلبـــــــــه الــــــواســــــع!