ليست أكثر ُ من قطعة حديدية مستقيمة رقيقة جدا ً يتكور رأسها في احدى جانبيها ، هي تلك الاداة التي استخدمها لتثبيت حجاب رأسي والتي تحمل أسم ( دبّـوس) .
ولي مع دبّـوس حجابي حكاية في يوم معين من أيام السنّة ، حيث أني لا اكاد التفت له في باقي أيامها ، إنه يوم السابع من المحرم وعجيب هذا الاحساس بالثـقل من هذه الاداة المهينة في عالم الاوزان !!.
فحين اتوجه الى مجلس العزاء مدركة بأني اخطو باتجاه مكان سيُعزى فيه رسول الله ص واله الاطهار ببطل بثُـقـل العباس عليه السلام ، أشعر بثقل كل شيْ اعتدت خفته في هذه الحياة فالخطوات ثـقيلة والحمل فوق الاكتاف ثـقيل وتثـقـل كلماتي ووزن عبائتي على رأسي !
وما أن اصل الى مكان التعزية حتى سحب تلك الاداة التي تحصر حنجرتي وتثقلها وكأنها سيف رُبط حول عنقي وأظل اتأمله ثواني معدودة واتسائل ترى لما يتركز اغلب احساسي بالثقل فيه هذا اليوم ؟ لما لا اشعر به في أيام العزاء الاخرى ؟! فهل لشكله دخل اذا تنتقل مخيلي الى ذلك السهم الذي رصد عين الفضائل ؟ أم ان تراكم العبرة في حنجرتي يضغط عليه فيثقله وبتحريره تنتقل الاشارة الى مخزن الدمع في عيني كي يفرغ العبرة ؟.
وسط كل هذا يغفو ذلك الدبوس في ركن من اركان حقيبتي ثم اواجه حقيقة ووجع أن يفقد الاسلام بطل كالعباس ع وان يظل الحسين ع وحيدا ً وينكسر ظهره !
نحن لا نعزي في هذا اليوم ببطل من بني هاشم وشخص ذخره الامام الحسين ع الى اخر المعركة وانتدبه لطلب الماء فحسب ، فنحن نعزي الانسانية بمصرع خيرة فضائلها على جرف ذلك النهر .
العباس ع توطنت فيه كل معايير الرجولة الحقيقية من ادب ومروءة وطاعة وغيرة وشجاعة وتفاني وحب لامام زمانه ، حين نبكيه نبكي قيم الرجولة التي تضائلت في عالمنا المعاصر.
فحينما يجرأ رجل اجنبي على تصفح وجهي أيقن ان العباس قد صُرع .
وحينما يتهجم رجل على إمراة في الشارع أيقن فيها أن العباس قد صُرع .
وحينما لا يتحمل رجل مسؤولية بيته أيقن فيها أن العباس قد صُرع .
وحينما تتراقص الرجال على المسارح أيقن فيها أن العباس قد صُرع .
وحينما يقلد رجل صوت امراة ويظهر المقطع امامي على مواقع التواصل أيقن فيها أن العباس قد صُرع .
وحين يتحول الرجل الى امراة عينا ً أيقن فيها أن العباس قد صُرع .
لقد ايتم العباس عليه السلام نساء الكون حينما غاب قمره عن سماء الرجولة الا من رحم ربي ممن جعله قدوة ومنارا ً في طريقه .
وهل نلام نحن معشر النساء ان لطمنا خدا ً واطلقنا الصراخ والعويل في هذا اليوم ؟!.
هل نلام ان ضربنا صدرا ً امتلأ قهرا من تميع الرجال !
هل نلام ان صفعنا اعيننا لطما ً ؟ فما قيمة البصر؟ وعين البصيرة قد توسطها السهم !
اللهم اهدِ شبابنا ..... اللهم اشدد ارزهم بالعباس ع ...... اللهم استنقذهم مما هم فيه من جهل واستخفاف بقيم الرجولة الغالية التي دفع لها الحسين ع وركبه اغلى الاثمان
عظم الله اجوركم
المهندسة بغداد
https://telegram.me/buratha