لمى يعرب محمد ||
الدم هو جوهر الحياة والموت، الأديان جميعها أكدت على تحريم استباحة الدماء، والإسلام أكثر من شدد بحرمته، فمن مبادئه حفظ الحياة البشرية بصورة كريمة متكاملة، والحفاظ على دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم"من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا"، ذكر هذا الموضوع في أكثر من آية قرآنية حتى خصص الله تعالى أشهرا معينة في السنة تكون حرم –أي لا يحل فيها المسلمون القتال ولا تسفك فيها الدماء- وهي شهر رجب، ذي القعدة ، ذي الحجة، محرم.
يعتبر شهر محرم الحرام من أهم أشهر السنة قدسية، حيث يكون العالم أجمع مستعد لرؤية مشاهد عاشوراء واستذكار معركة الطف بواقعية، عن الإمام الصادق "ع"(إذا هل هلال محرم أول الشهر نشرت الملائكة ثوب الحسين "ع" وهو مخرق من ضرب السيوف وملطخ بالدماء فنراه نحن وشيعتنا بالبصيرة لا بالبصر فتنفجر دموعنا).
ما الفرق بين البصر والبصيرة ؟ وكيف نكون فعلا من أصحاب البصائر الذي ذكرهم الإمام الصادق(ع) بقوله هذا؟..
البصر: هي حاسة الرؤية وحس العين، والجمع أبصار.
البصيرة: هي عقيدة القلب وهي البينة والحقيقة التي يهتدي الإنسان بسببها وهي آلة التمييز بين الحق والباطل، "هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون"، قوة الإنسان التي توصله للرؤية الواضحة وتبين الأمور حسنها وقبحها جيدها وسقيمها، والتي يصح أن نطلق على تسميتها في هذا الزمن ب"الوعي".
يحكى إن عمرو بن الحجاج الزبيدي وهو ألد أعداء الحسين(ع) ومن قادة جيش ابن سعد وابن زياد في معركة الطف حيث كان له خطاب يخاطب به أصحابه قائلا: أتدرون من تقاتلون؟! تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر، وقوما مستميتين، لا يبرز لهم أحد منكم إلا قتلوه على قتلهم..
هذا شاهد من جيش ابن سعد يؤكد إن من خصائص أصحاب الحسين(ع) أنهم أصحاب بصائر.
البصيرة الإيمانية والعقائدية لا تأتي من فراغ، وإنما هي ثمرة تتفرع وتتجلى من قوة العقل والتفقه والمعرفة وتقوية الصلة بالله تعالى، عن الإمام الباقر(ع) " يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم فيا طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان".
اللهم ارزقنا بصيرة أصحاب الحسين (ع)..