انتصار حميد||
أن النهضة الحسينية: هي ثورة قامت من أجل احقاق الحق, ومقاومة الظلم والباطل, وقد شكلت تحدياً بارزاً ورئيسياً للاستبداد والطغيان, ونزع الاقنعة الدينية التي يحاول الكثير التستر خلفها, فالأمام الحسين (عليه السلام) رمزاً حقيقياً لرفض الذل والخنوع والعار, وحماية حرية الإنسان , وصيانة حقوقه المشروعة, حيث يقول في كلمته الشهيرة: "ألا وإن الدعي بن الدعي (يعني بن زياد) قد ركز بين اثنتين, بين السلة والذلة, وهيهات منا الذلة, يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون, وحجور طابت وطهرت وأنوف حمية, ونفوس أبية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام, ألا وإني زاحف بهذه الأسرة على قلة العدد وخذلان الناصر".
اتصفت القضية الحسينية بانها قضية انسانية, وثورة روحية, تميزت بالإخلاص, والتفاني, والإيثار, والتضحية, والفداء, وبعداً اخلاقياً في الدفاع عن المبادئ والقيم. وهذه الثورة تعلوا وتنمو على مر السنين؛ لأنها لله وفي سبيل الله, وما كان لله ينمو.
لقد قدم الامام الخميني (قدس سره) صورة واضحة لعظمة الثورة الحسينية, فقال "أن كل ما لدينا هو من عاشوراء, أي أن كل ما ننعم به اليوم من سيادة للدين والإيمان, وحكم للشريعة الإلهية, وتأصل للقيم الإنسانية الراقية, يعود إلى تلك الثورة".
فالأمام الحسين (عليه السلام) ينطلق من منطلق الواجب, لا من منطلق الممكن والمستحيل, وبهدف أداء المسؤولية وليس بهدف اكتساب المصلحة والمنفعة, وأداء ما عليه من واجبات, وتلك هي مسألة خطيرة تحدد مصير الإنسان في الحياة, بل مصير أمة بأكملها, هكذا قطع الامام الحسين (عليه السلام) الشك باليقين, عندما حدد الهدف من وراء ثورته المباركة.
وما نعيشه اليوم من فتنة استعمارية- صهيونية- رجعية خبيثة, تديرها عقول حاقدة ساخطة على الإسلام والمسلمين, ارتأت تلك الفتنة أن تعيد الأمة إلى الظلمة, والجاهلية, والقبلية, وسطوة القوي على الضعيف؛ لتحل الوثنية محل العبودية للخالق المتعال, ويكون النفاق والشقاق والظلم والاستعباد والاستحقار والتزوير, نهج وصفة المتسلطين في عالمنا الإسلامي.
فأحرار الحسين أو المقاومين, الذين يأبون العيش تحت ظل عقيدة مشبوهة مزيفة, مكسية بحلة دينية منحرفة, الذين أراد الامام الحسين (عليه السلام) خلقهم روحياً وفكرياً, ليقفوا موقف الضد من هذه الفتنة الاستعمارية, ومحاربة الفكر الإرهابي المتطرف, ومواجهة الغزو الثقافي الغربي, مستلهمين شجاعتهم الجهادية من ابا الاحرار, عندما قال: "لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقرُ إقرار العبيد".