عباس زينل||
دائمًا نؤكد على قضية مهمة لا تفهمها العامة من الشيعة وفقط؛ بل حتى القيادات الشيعية الكثير منهم في غفلة عنها، الا وهي قضية الامن القومي الشيعي، كما ذكرنا سابقًا الوحيدين الذين فهموا هذه القضية،واجادوا بالدفاع عنها، هم كل من المرجعين العليّان السيستاني والخامنئي، والقائدين الشهيدين الشايب البصري واللواء الكرماني.
المرجعين دام ظلهما والقائدين الشهيدين أصروا على تقوية الحشد، وتعزيز قدراته وإمكانياته وعدم المساس به أبدًا، والاستمرار بثناء شهداءه ومنتسبيه والدفاع عنهم في بياناتهم، لأنهم وبحكم حكمتهم وعلمهم ودراستهم للمنطقة وظروفها وتقلباتها؛ فهموا اللعبة جيدًا، وأدركوا بأن قوى الغرب ليس غريبًا عليهم أن يحدثوا انقلابًا أمنيًا على الدولة خلال ساعة من الزمن، أو أن يفتعلوا اي ازمة كانت وخلخلة الوضع الامني، وتعريض الامن الشيعي وامن الشعب بشكلٍ عام للخطر.
فلو ركزتم في بياناتهم او رسائلهم مع بعض، لرأيتم الامن القومي للشيعة في أولى اهتماماتهم، قد يقول البعض لماذا يركز الكاتب على مفردة الشيعة، ولا يهتم بأمن البقية، فالجواب على ذلك؛ في المعادلات العالمية لدى القوى الغربية، وبالأخص لدى امريكا وإسرائيل هنالك قاعدة مهمة، تقول ما دمت لا تعرض وجودي ومصالحي لخطر؛ فبإمكانك المشي معي في صفي، ففي العراق الطوائف الأخرى غير الشيعة، ليس كل الشيعة وإنما فقط التي لا تؤمن بالحدود، ولديها الاستعداد للقتال والدفاع عن اي مسلم وشيعي وفي اي بقعة من العالم لو طلب مرجعه ذلك، فالطوائف الأخرى قاعدتهم دعني اكل واعيش فليس لدي شيء معك، ولذا لا يشكلون اي خطر للوجود الامريكي والاسرائيلي في المنطقة، وهذا ما أكده تطبيع أغلب الدول العربية، ذات الغالبية من المذهب السني مع إسرائيل.
اذن محور موضوعنا ومحور اهتمام قوى الغرب؛ هو الشيعة وأمنهم القومي، فلو تمكنوا من تشتيتهم لتمكنوا من العراق فبذلك يتمكنون من المنطقة، لذا لاحظنا في الآونة الأخيرة الغرب تخلى عن السلاح في مواجهة الشيعة، بعد ان اثبتوا فشلهم الذريع تحت مسمى داعش، لذا كان لزامًا عليهم أن يلجأوا إلى إستخدام الحرب الناعمة وبدقة، واختلاق فتنة وتفرقة بين ابناء المذهب الواحد، بداية المخطط كان من تشرين، فقد حاولوا أكثر من مرة خلق فتنة بين المجاميع الشيعية ذات الحراك المسلح، بقتلهم لقادة مهمين ولكن بحكمة القادة وانصياعهم لحكمة المرجعية، باءت تلك المحاولات جميعها بالفشل.
وصلوا لمرحلة الانتخابات وقاموا بتزوير نتائج طرف على حساب نتائج الآخر، ولكن بحكمة ودهاء الطرف المقابل وبحكم خبرته الطويلة في إدارة العملية السياسية، جعلوا الطرف الاول ينسحب دون اي فائدة وجدوى من المخطط الذي غرروا به، فلو تلاحظون جميع محاولاتهم بالنتيجة تفشل، ما السبب الا هو حكمة شخصيات وقادة لا تنام لهم عينا؛ وهم يفكرون بمصلحة العراق وأمنه واستقرار.
ودخول التيار الصدري للبرلمان وإهانة الدولة وجيشها في هذا التوقيت، ليس مهمًا وليس غريبًا حتى لو كان هناك تهديدات ارهابية بين فترة واخرى، او اعتداءات تركية تطال الشمال، ولكن الصعب بأنهم في قمة معركتنا مع داعش سنة 2016 دخلوا البرلمان، واهانوا الدولة وهي في قمة احتياجها لشعبها، لأنها كانت تتعرض لأقوى هجمة تاريخية من الدول تحت مسمى داعش، فهذه المحاولات والأفعال ما هي الا عدم فهم قضية الامن القومي، والغفلة عنها، نعم تحدث هناك خلافات وصراعات سياسة، فهذه في جميع الدول حتى تلك المتطورة والمستقرة، ولكن ان تهدد وجودك وامن ناسك، والدولة التي هي دولتك تحت حجة فساد وخلاف سياسي، فهذا عدم نضج سياسي وتهور كبير، لأن حتى لو حصلت صراعات وحدثت خلافات، وإن وصلوا لمرحلة الانسداد السياسي؛ فعليك الحفاظ على امنك القوي والتفكير بنضج ووعي اكبر،
فالذي لا يضع بنصب أعينه الأخطار التي تحيط بالعراق، وأمنه القومي وأمن مذهبه، لا اعلم كيف يفكر بإصلاح الدولة بأكملها.