المقالات

 قلم مالح ٨ /حشد الحضارة الشروگـية


حسن الربيعي ||

 

مساكم الله بالخير..

ما شهده العراق إثر الفتوى التي أطلقها المرجع الديني سماحة السيد علي السيستاني دام ظله في منتصف حزيران 2014م، (للتحشيد) ضد خطر (عصابات داعـ.ـ.ــش) الإرهـ..ـابية وتلبية عموم العراقيين للانخراط في حشـ..ـد شعبي؛ لمؤازرة القوات المسلحة، هو اندفاع قل نظيره، وروح تأصلت بها معان الولاء والتضحية للأرض والعرض، هو روح عراقية أصيلة تعطي بلا حدود، متجذرة بعمق العراق الحضاري، إذ يشهد التاريخ لشعب العراق قيادة أولى حروب التحرير في العالم بعد سنين من الازدهار، والعظمة؛ إذ كُتب للإمبراطورية الأكدية، أن تنتهي على يد (الگـوتيين)، وهم أقوام بربرية انتهزوا تدهور الأحوال في (أكد) ليتسللوا إليها ويعيثوا بمدنها، وشعبها سلبا، ونهبا، وبطشا، وتدميرا، ولم تسلم منهم حتى المعابد، وكانت السنوات الثلاث الأولى من غزوهم (2229- 2227 ق. م)، فوضى عارمة في البلاد، وكانت فترة حكمهم أولى فترات الظلام لبلاد الرافدين؛ إذ توقفت عجلة التقدم على الأصعدة كافة، وفي عام (2125 ق.م) انبرى الزعيم السومري (اتوحيگـال) من مدينة الوركاء (أوروك) السومرية ليضيف مآثر جديدة للعراقيين الشروگـية (نسبة لإشروگـين، أو سرجون الأكدي)، إذ بينت مدونة مسمارية تفاصيل أقدم حرب تحرير شهدتها الأرض، حشّد فيها هذا الزعيم مجاميع من رجال مدينته، ثم زار معبد الإلهة (انانا)، وهي إلهة الحب والحرب، وصلّى وتضرع طلباً للمؤازرة في حربه ضد (الگـوتيين)، فتمكن من قتل الكثير، وأسر العديد من الضباط والجنود، وقاد مسيرة التحرير من مدينة لأخرى، حتى وصل لمحل تمركز (الگـوتيين) في مدينة (كاركار) والتي تبعد عن الوركاء (120) كيلومترا؛ إذ وقعت المعركة الحاسمة بين (اوتوحيگـال)، و(الگـوتيين) بقيادة (تريقان) فأوقع فيهم هزيمة حاسمة، وفرّ (تريقان) إلى مدينة (ديروم)، وهي واحدة من مدن محافظة الناصرية في العراق حاليا، وتمكن أهالي مدينة (ديروم) بروحهم الوطنية من إلقاء القبض عليه، واقتادوه إلى (اوتوحيگـال). واستُخدم هذا الحدث تاريخاً عند السومريين، ومازالت دماء القائد الشروگـي (أوتوحيگـال) تسري في عروقنا، فعندما تعرض عراقنا الحبيب لهجمة بربرية (داعشـ..ـية) تشكل حشـ..ـد شعبي؛ ليكون جيشا عقائديا ظهيرا للجيش الوطني، ومسانداً له بمواجهة خطر التنظيم الإرهـ..ـابي، و(الحشـ..ـد) هو حشـ..ـد الشعب الذي ارتبط بقيم، وعادات، وتقاليد، وحضارة تمتد لآلاف السنين، وقد اتسم المقاتل السومري الشروگـي القادم من وسط العراق، وجنوبه بإنسانية، وشجاعة، ونخوة، وصلابة بالقتال، ورسم لوحة نصره بأنامل شيوخ، مع شبان، وزينها بعمائم رجال الدين الشجعان مجسدين عبادة الجـ..ـهاد بأبهى صورها، واستعاد من عمق الذاكرة الحضارية، رمزية الصولجان السومري، وصورة البطل گـلگـامش، والنسر السومري (انزو)، والأسد البابلي، و(اللاماسو) الثور المجنح الآشوري، واكتملت صورة الإنسان الحضاري العراقي عند تسلحه بشجاعة الإمام علي بن أبي طالب، وتضحيات أبي عبد الله الحسين، وإقدام أبي الفضل العباس (عليهم السلام)، تساندهم الأم الفاطمية، والأخت الزينبية، فاتحدت القلوب الولائية لرجال المقـ..ـاومة الإسلامية، مع أبناء الفتوى الجهادية، لتشكل راية الحضارة العراقية. فالحشـ..ـد الشعبي منبعث من عمق الحضارة، وممهد لقيام الحضارة، وحارس لأرض الحضارة، وشعبها.

حسن الربيعي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك