مرتضى مجيد الزبيدي ||
رواية الأ مس نستكملها اليوم، نحدث المعلومات ونذكر الاضافات، فالتطور لا يشمل الجيوش والتقنيات والعلم فقط، بل اساس التطور يبدأ من المعلومات، والقصص عبارة عن معلومات وحكم يستفاد منها عامة الناس وبالأخص الباحثين عن الحقيقة بموضوعية.
قصة يوسف النبي لا تنهي بكونه عزيز مصر ولا بلقائه بأبيه، بل بالحكمة من تلك القصة والعبر، وقصة فتوى الجهاد الكفائي ورجالها الأبطال لم تنهي بالنصر ودحر الخطر فقط، بل بمعطيات الأمور ومجرياتها وتحليل ما بين السطور.
فبعد الفتن والأشاعات على المراجع وخاصة مرجعية النجف الأشرف، اثبتت الفتوى بأن حب الدين والعقيدة الحقة ثابت بقلوب الناس المؤمنين، والإيمان الراسخ كالجبل، لا تزعزعه رياح الفتن، وأثبتت ان الوطن فوق كل الاعتبارات مهما كانت الظروف التي يعيشها الشعب.
والمهم ايضا، انها برهنت للعالم اجمع، ولمراكز التحليل والدراسة، ولدول الاستكبار على وجه الخصوص، ان أميركا فاشلة بتخطيطها وتحليلها ودراستها، رغم انها تزعم التقدم بذلك، حيث افشلت مخطط العصر بصورة غير متوقعة لا من الصديق ولا من العدو وباعتراف أميركا نفسها.
الفتوى أظهرت مدى دقة النتاج العلمي والمعرفي للعراق، وبالأخص النجف الأشرف، بمراجعها وحوزاتها، وليس الواقع فقط بل الاحداث التاريخية خير دليل، كما أكدت في ذات الوقت ان رجال العراق يمتلكون زمام المبادرة وهم الرقم الاصعب في المعادلة من خلال الشجاعة والذكاء بالتخطيط والتنفيذ.
تلك الفتوى بينت من جديد، ان المرجعية والجنوبيون اول من يدعم الوحدة الوطنية، بل يجودون بأرواحهم من أجل اي شبر من الأرض، ولأجل اي عراقي مهما كان دينه او انتمائه، وكانت صفعة بوجه المغرضين، عندما تبين ان العراق لا يخلوا من الخير وان كثر الشر.
رغم تكالب المحن، وقساوة الظروف، وتآمر الأعداء، لسلب قيم الشعب القيمة، لكن سرعان ما اظهرت الفتوى بلحظة مفاجئة؛ ان ابناء العراق مازالوا محافظين على قيمهم الأصيلة وانسانيتهم، وجهد اعداءهم بدد، كما افرزت نخب وطاقات وامكانيات يعتمد عليها في الملمات وهذا شعب محمل بالعطاء والابداع والذكاء بمختلف المجالات.
وكأني بالفتوى تقول؛ الدين التزام وعِبرة وعَبرة، لكن الدين وطن وانسانية ومعاملة، والدين نصرة المظلومين والمستضعفين، والدين قوي على مر الدهور، مؤيد ومسدد من قدير مقتدر، فلا يهم كثرة الآعداء وتكالبهم وقوتهم وعددهم، فالدين نصر من عند الله ينصر به المدافعين الحق، والدين يحترم الذات ويقدس الدفاع عن الانسان.
فالفتوى انسانية قبل ان تكون جهادية، والحشد خدمي وان كان عسكري، ولكل شدة رجالها وللملمات التي تحف بوطننا حشد أبي، قوته من عمقه العقائدي والوطني والتأريخي، كما يديم القوة من حاضره الحافل بالحب والعطاء والانتصارات، والشمس لا تحجبها الغيوم، وطاقة السلام والمحبة لا تنفذ ((وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ)) وللفتوى بقية.
https://telegram.me/buratha