المقالات

مستقبلنا ومستقبل الشعوب الأُخرى

1402 2022-06-11

د.علي المؤمن ||

 

   بناء مستقبلنا الوطني والعربي والإسلامي المنشود؛ ليس رهين سقوط المستقبَلات الأخرى، فنحن لا نشيد دعائم مستقبلنا على حساب الآخرين، ولو كانوا الأضداد النوعيين، من غربيين وشرقيين وطائفيين، كما فعل ويفعل هؤلاء الأضداد، حين بنوا مدنياتهم وكياناتهم على حساب الشعوب الأخرى التي قدِّر لها أن تتراجع عن ركب الحضارة في ظروف معقدة يطول شرحها، فاستعمروها واستغلوها ونهبوا خيراتها وثرواتها، واستدرجوها باتجاه التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية لهم، ثم قننوا علمياً هذه الفجوة الحضارية من خلال العلوم الاجتماعية والسلوكية الغربية، كالانثروبولوجيا والاثنولوجيا، وأظهروا شعوب الجنوب أو العالم الثالث أو المسلمين أجناساً من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة، وهوامش وأطراف وعبيد، تبعاً لمعايير التطور المادي وأساليب التفكير والعيش والجنس واللون والموقع الجغرافي.

   في حين ينظر الإسلام للناس كافة نظرةً واحدةً متكاملةً، فيساوي بينهم كأسنان المشط، ويقرر أنهم أخوة في الدين أو نظراء في الخلق، وفقاً لمعاييره الإنسانية التي أثبتتها العقيدة الإسلامية ((ولقد كرّمنا بني آدم...)).

   من هنا، فإن بناء حضارتنا المستقبلية يكون على أرضها وقيمها وتراثها وفكرها، وليس على أنقاض الحضارات الأخرى وقيمها وأفكارها ومدنياتها. قد تكون بعض الحضارات والمدنيات الأخرى في طريقها الى التصدّع أو التراجع، وهي المآلات الطبيعية للحراك الإنساني منذ بدء الخليقة وحتى الآن، حيث تسود حضارات ومدنيات، ثم تنهار وتستبدل بأخرى، و فق معادلات السنن الإلهية، وهو ما تبحثه فلسفة التاريخ وعلم اجتماع الحضارات. لكن الحضارة الإسلامية المستقبلية لن تنتظر هذا الانهيار لتبني صروحها على أشلائهم كما سبق لهم أن فعلوا.

   قد يضطر المسلمون للتدافع مع الحضارات والمدنيات الأخرى ومواجهتها قسراً، خلال دفاعهم عن أنفسهم، أزاء هجمات الغرب ـ مثلاُ ـ  ((ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض...))، لكن الأصل هو التحاور مع هذه الحضارات والمدنيات؛ لأننا لا يمكن أن ننكفئ على أنفسنا في بناء مستقبلنا، ولا يمكن أن نكون بمعزل عن دائرة التأثير والتأثر، فضلاً عن أن الخطاب الإسلامي هو خطاب إنساني عالمي للناس كافة، وأن المسلمين يعملون في إطار حمل الأمانة والتكليف والمسؤولية الشرعية والأخلاقية تجاه الآخرين ((وما أرسلناك إلّا رحمة للعالمين)).

     وعلى هذا الأساس يسعى الإسلام لبناء المستقبل الأفضل للإنسانية جمعاء (( وما أرسلناك إلّا كافة للناس بشيراً ونذيراً»، الأمر الذي يجعل مستقبَلات الآخرين رهن المستقبل الذي ينشده الإسلام.

   إن مستقبلنا الوطني والإسلامي والإنساني المنشود؛ يبشر العالم بحياة العدل والحق والخير والجمال والحرية، وهو رسالة الله (تعالى) التي أمر نبيه الكريم (ص) بتبليغها للناس كافة، ليحقق الإنسان من خلالها أهداف الاستخلاف والاعمار.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك