المقالات

الماء يا نواب!..

1488 2022-06-08

ا.د. جهاد كاظم العكيلي ||

 

يقول الله سُبحانه وتعالى في مُحكم كتابه المُبين (وجعلنا من الماء كل شيء حي)، وهذا يعني أن الله أعطى لعباده هذه النعمة أينما كانوا لكي يتذكروا نعمته عليهم، ونعمة الماء هي أكبر نِعم الله على خلقة، أوليس هو القائل (فلينظر الإنسان مِمَ خلق، خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب) في أروع بلاغة إعجازية تدبرية، ليكون سببا في زيادة إيمان الناس والثبات على الحق .. 

فأين نحن أهل العراق من ذلك كله!..

لقد أصاب أرض العراق الجفاف في حالة إستفحلت بعد عام الإحتلال الأمريكي 2003 بشكل مخيف ومرعب وجفت معه الوديان والسهول والروافد وتراجعت مياه دجلة والفرات إلى ما دون الـ 50 بالمائة، وصار الإنسان في العراق في حيرة من أمره بعد تدهور الزراعة، ليعيش على كفاف الماء وأحيانا شحته ليشرب حتى يحيا وهو حق منحه الله له وليس منة من أحد من الذين يُمسكون بزمام السلطة من حكومة وقضاء ونواب الشعب الذين لم يضعوا حتى الآن أي برامج معرفية وعلمية وحتى دبلوماسية قدر تعلق الأمر بدول الجوار التي تقيم السدود من دون مراعاة حدود الله ..

وفي سياق حدود الله أسال، لماذا لا يلتفت سادة القوم من نواب ووزراء وقادة رأي إلى خطورة ما يحصل على حياة شعب العراق، الذي صار يرى بأم عينيه  كيف يتم تحويل شطوط المدن والقرى الزراعية إلى جزرات يابسة يسير عليها المارة بكل هدوء بعد أن كانت تعلوها المياه بمهابة تتغني وترقص فوقها النوارس والطيور وتسبح في داخلها الأسماك!.. وعادت تلك الثروة المائية هي الأخري تتلاشي تدريجيا، وصرنا نأكل لحومها من إحواض مصطنعة ..

وسؤال آخر يدور في أذهان الشعب، هل أن أزمة شح المياه تحتاج إلى عقول جبارة وأموال طائلة لتجاوزها، مثلما يتم تعليل ذلك بعدم وجود الكهرباء وغياب الخدمات الأخرى من زراعة وصناعة وتنمية بشرية وإقتصادية حقيقية، أم أصبحت تلك الأسباب وتبريراتها اللامنطقية شماعة نعلقها على دول الجوار وغيرها!..

وإذا كان قدرنا هو هكذا، فما الفائدة إذن من وجود وزارتي الزراعة والموارد المائية وغيرهما من المؤسسات المعنية الأخرى، وهي التي وجدت أصلا لهذا الغرض من خلال القيام بدراسة وتخطيط المياه والحفاظ على الثروة المائية وتخصيب التربة وجعلها صالحة للزراعة، أم أن الإستخفاف بعقول الناس سيظل هو السائد وعدم الوقوف بجدية في التفكير لما سيؤول الوضع إليه من شح المياه وبهذا الشكل الذي يهدد حياة الطبيعة والإنسان بشكل عام، ولكن الحقائق، ومع إيماننا الراسخ بقدرة العلميين والمعرفيين في هاتين الوزارتين لتجاوز هذه الازمة بنجاح وتفوق، إلا إن واقع الحال يؤشر لنا بشكل واضح فشل المسؤول في هذا المجال إن لم يندرج هذا الفشل في خيانة الأمانة والمسؤولية تُجاه ما يعانيه الشعب والبلد ..

وهنا أجد أن المسؤولية تقع بالأساس على النواب الجدد، وما عليهم إلا أن تعلو أصواتهم في برلمان الشعب لمطالبة الحكومة بوضع كل المستلزمات العلمية والمالية لتجنب كارثة واقعة لا محال في تصحر البلاد، خصوصا وإن النواب الجدد جاءوا على عربة الاصلاح الزراعي والصناعي وتنمية الإنسان تنمية صحية التي خرج الناس من إجلها، ومن بينها توفير وتنظيم وجود الماء وإصلاح التربة، وبخلاف ذلك سيبقى العراق بعد عشرون عاما من إدارة الحكم بلا ماء، ليتحول من بعد ذلك إلى صحراء جرداء يتطاير فيها الغبار، بعد إن كان العراق يلقب بأرض السواد لكثرة الماء والزراعة ..

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك