المقالات

أتنفع الغرابيل؟!


علي علي ||

 

كثرت لدي الأصدقاء فلم أطق

إحصاءهم حتى تشوش بالي

لو أنني غربلت أصحابي معا

لم يبق لي منهم سوى الغربال

  يمر البلد اليوم بانعطافة سياسية مهمة وحساسة وخطيرة، داخليا وخارجيا، فخارجيا سيعاني من سياسة عدائية من دول كثيرة، فخطوة تجريم التعامل مع إسرائيل ليست بالهينة أو اليسيرة، ولن يمررها كثيرون مرور الكرام، الأمر الذي تخشى عواقبه حيث تجهل ردود أفعاله. أما داخليا فحتما سيكون هناك توجه جديد، فقد آن الأوان -وفي الحقيقة فات الأوان- على إجراء تغييرات جوهرية لشخصيات سياسية، ولاسيما قادة مؤسساته التنفيذية في تشكيلة مجلس الوزراء، والتشريعية في تشكيلة مجلس النواب، والذين يعول عليهم النهوض بمؤسسات الدولة بعد سباتها الذي امتد عقودا، حيث لم يتحقق خلال الأعوام التسعة عشر الماضية من عمر العراق الديمقراطي الفدرالي، إنجاز يقوّم الاعوجاجات التي خلفها النظام السابق، بل تناسلت سلبيات وتولدت إثرها سلوكيات منحرفة شتى، على رأس قائمتها الفساد بأنواعه، لاسيما في التشكيلة الوزارية، للحصول على نتائج غير مناسبة، تدفع بالمؤسسة الى الحضيض في الأداء وسير العمل. ومن سوء حظ العراقيين أن هذه الخصلة، بقيت ملاصقة لأغلب مكاتب الوزراء في الحكومات المتعاقبة. وتكمن خطورة هذه المرحلة بكيفية انتقاء أعضاء المجلس التنفيذي، وبوحدات القياس التي سيتم على ضوئها قبول المرشح من عدمه، إذ أن السهو والغفلة والخطأ والاشتباه في الترشيح إن حصل -وهو حاصل فعلا- ستكون عاقبته وخيمة على البلاد والعباد.

  ولايخفى مافي الشارع العراقي من مخاوف وقلق شديدين، تجاه عملية الترشيح لهذه المناصب أو ذاك، وماالقلق هذا إلا لأن المرشحين سيخرجون من لدن كتل وأحزاب، لها بصمات سيئة ومواقف سابقة لم تخدم العملية السياسية، بل سخّرت مرشحها لمتابعة سير أعمالها وإكمال مايتعثر منها، باستغلال صلاحياته في مركزه الوزاري الجديد، فكأنه وكيل أعمالها. وهي -الكتل والأحزاب- لم تضع المعايير الصائبة لترشيح (زيد) او انتقاء (عبيد) لكفاءته ومهنيته ونزاهته وولائه للعراق، بل شطّت كثيرا عن مثل هذه المقاييس، وابتعدت عنها مقابل معايير تخدم مصالحها الخاصة والحزبية والفئوية، وبهذه المعايير لايمكن تشكيل حكومة، تضع لِبنة واحدة في صرح العراق القائم على (كف عفريت).

   ولو أخذنا بنظر الاعتبار المثل العراقي القائل: (المايسوگه مرضعه سوگ العصا ماينفعه) فإن اختيار المرشحين لمناصب التشكيلة الوزارية، لايمكن أن يتم بالشكل السليم، مادامت الكتل السياسية والأحزاب هي الـ (فلتر) الذي يُمرَّر من خلاله المرشحون، إذ لامستقلون في الساحة ولاخلفها ولاأمامها، و"إن وراء الأكمة ما وراءها" والتجارب السابقة بينت (مرضع) أغلب الكتل، حيث كانت خير دليل على انحيازها الى مايصب في خدمتها وخدمة أربابها، بل إن بعضها تتفانى في خدماتها لتقدمها إلى جهات تقبع خارج الحدود، تكن إلى العراق والعراقيين الشر والضغينة والعداء من سالف الزمان، لتمشية مخططاتها وأجنداتها المرسومة مسبقا.

  الحل إذن، يكمن في كيفية إجبار الكتل على ترشيح الشخص الذي يخدم عملية البناء، وفرض القيود والضوابط الصارمة في الترشيح على الكتل، ورفض مبدأ (حِب عمك حِب خالك) وعدم الانجرار وراء الخدع الزائفة، المتمثلة بالمظاهر البراقة التي يتحلى بها المرشح، وترك الأغطية المرائية التي يتدرع بها -ولاسيما الغطاء الديني- والنظر اليه من باب مصداقيته وتاريخه المهني. وهذا لن يتم إلا برفع المحاباة من قبل القائم على العملية برمتها وهو رئيس الحكومة، إذ عليه وضع الـ (مستحاه) جانبا وغربلة المتقدمين لاستلام المراكز القيادية بأكثر من غربال، لاسيما أن بعض الغرابيل معمولة خصيصا لتمرير الـ (دغش) والـ (دنان). وبغير هذه الغرابيل تكون المؤسسات التنفيذية فرعا من فروع الفساد الرسمي، او أداة من أدوات أضداد العراق من الخارج وفي الداخل، وحينها يكون التغيير للأسوأ لاكما يحلم العراقيون.

ــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك