المقالات

كريستال المخدرات وكباب الإرهاب..!

1359 2022-06-04

حمزة مصطفى ||

 

إنتصرنا على الإرهاب عسكريا. هذا ماتقوله مدونتنا الإعلامية وخطابنا السياسي. حتى السياسي الذي قاد معركة النصر ضد الإرهاب (2014ـ 2017) رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي أصدر مؤخرا كتابا أطلق عليه عنوان لافت هو "النصر المستحيل".

أتفق معه دلاليا مع إني لم أطلع على الكتاب بعد. كإن المؤلف يريد القول أن الإرهاب ليس جيشا حتى تحقق عليه النصر ضمن قواعد الإشتباك المعروفة في الحروب. نصر ساحق لطرف مقابل هزيمة نكراء لطرف آخر. إتفاق تسوية أو إذلال ينهي القصة أو يؤجل إنفجارها.

 الإرهاب ليس جيشا بقدر ماهو منظومة فكرية عابرة للزمن والتواريخ والأمكنة ليس هنا مجال مناقشة متبنياتها الفكرية والعقدية.

مع  ذلك يمكن أن تتحول الى بندقية للإيجار حتى بإفتراض ماتقدمه من أطروحات ومفاهيم مثل العدو البعيد أو القريب أو التترس أوالتكفير من عدمه. حتى في الولايات المتحدة الأميركية وفي سياق تبادل الإتهامات بين دونالد ترمب وهيلاري كلينتون والرئيس باراك أوباما جرى الحديث عن كون هذا التنظيم صناعة أميركية.

 هذا إختزال بلاشك. داعش لم تولد بعد عام 2014. في ذلك العام إحتلت أكثر من ثلاث محافظات عراقية وأعلن مؤسسها أبو بكر البغدادي من جامع النوري في الموصل ولادة ما أسماه "الدولة الإسلامية في العراق والشام" أي طبقا لخطابنا الإعلامي "داعش". لكن لهذا التنظيم تراث فكري عقدي تسلل على الأقل في العصر الحديث من فكر سيد قطب الذي أخذ بدوره مفهوم الحاكمية من الهندي ـ الباكستاني أبي الأعلى المودودي.

بعد سنوات قلائل من إعدام سيد قطب نشأ تنظيم التكفير والهجرة وظهر منظره عبد  السلام فرج عبر كتابه "الفريضة الغائبة" الذي كان تلوينا على كتاب "معالم في الطريق" لسيد قطب. أواخر السبعينات عندما غزا الإتحاد السوفياتي إفغانستان وما نتج عن هذا الغزو ظهر تنظيم القاعدة بدء من تنظير عبد الله عزام الى أموال أسامة بن لادن الى تفجير البرجين عام 2001, وماتلا ذلك من حروب أدت الى تدمير دولتين (إفغانستان 2002 والعراق 2003) طبقا لمفهومين أحدهما تبناه أسامة بن لادن عبر تقسيم العالم الى فسطاطين (الكفر والإيمان) والآخر تبناه بوش الإبن (إن لم تكن معي فأنت ضدي).    

كان عادل إمام قد سخر في وقت مبكر (عام 1992) من الإرهاب في فيلمه الشهير (إرهاب وكباب) الذي قاسمته بطولته الفنانة يسرى وكمال الشناوي وآخرين. يبدو أن للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رأيا آخر في الفيلم  بعد أكثر من 30 عاما على إنتاجه.

السيسي وفي تصريحات أخيرة يرى أن هذا الفيلم تعامل بشكل سلبي مع إشكالية المواطن والدولة. السيسي الذي لاتزال بلاده تعاني من الإرهاب في شبه جزيرة سيناء قال إن فيلم الإرهاب والكباب جعل المواطن خصما للدولة وليس خصما للسلبية على حد تعبيره بينما المفروض أن نجعل السلبية خصما.

 لست أريد أحتكم للمقاربة المصرية السيسية في التعامل مع الإرهاب إنطلاقا من فيلم أنتج قبل ثلاثين عاما أي على عهد كلينتون الزوج وهيلاري السيدة الأولى لا وزيرة الخارجية بعد نحو عقدين من الزمن. بل لننظر الى المقاربة العراقية لنمو الإرهاب وتداعياته. فهذا الإرهاب الذي وصف قائد النصر النصر عليه بأنه "النصر المستحيل" تحول الى جزء من خلطة عطار من نوع آخر تجمع الفساد بالمخدرات وماترتب على ذلك ولايزال من مصائب وويلات مجتمعية.

  من الناحية العملية نريد محاربة الإرهاب ومكافحة الفساد ومطاردة تجار المخدرات. لكننا من الناحية العملية أيضا نصطدم بالفساد مرة فنتراجع وبالإرهاب بوصفه منظومة لا جيش فننكفئ وبتجارة المخدرات بوصفها قضية تجمع الإرهاب والفساد معا.

 القصة أصبحت تتعدى الكباب وكل أنواع المشاوي بعد أن ثبت أن عمليات الإغراء التي هي أقصر الطرق للإثراء باتت تمتد عبر خريطة الوطن بتواطؤات مكشوفة ومحمية بحيث يصعب تحقيق نصر حتى لو كان نصف مستحيل.

 المسألة باتت تتصل بالحدود المفتوحة بدء من نوافذها المباعة المشتراة الى حواضنها المبتلاة بكل أنواع الترغيب والترهيب والتخويف والتمييع.

 إنك حيال تخادم خطير بين كل أنواع المافيات بمن في ذلك مافيات الليالي الحمراء التي تجعل المسؤول إما جزء مما هو سائب , أو عاجزا عن مواجهة كريستال المخدرات وإرهاب الكباب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك