المقالات

الرضا بقضاء الله


  إيمان عبدالرحمن الدشتي ||   السلام عليك يا مولاي يا أبا عبدالله الحسين اذ قلت يوم تكالبت عليك الدنيا وعبّادها: (هون ما نزل بي أنه بعين الله) طبيعة النفس البشرية انها تواقة للخير فقط وفقط، وهذا أمر بديهي، ولكنها غير مستعدة للتكيف مع الواقع إن قُدر لها عكس ذلك، فكثير منا حين يصاب بنكبة او أي منغص في حياته، نراه يتململ ويتضجر ويجزع ويفقد الثقة في كل شيء، وبعضهم "نستجير بالله" يفقد الثقة حتى بالله سبحانه، وكأن على الله ان يقدر ما يشتهيه العبد، لا كما على العبد ان يسير  وفق ما تحكم مشيئة الله عز وجل. مقطع من خطبة لمولانا سيد الشهداء عليه السلام يقول فيه: (الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال، فالمغرور من غرته، والشقي من فتنته) فحياتنا الدنيا ماضية الى زوال، فيها الخير والشر يتقلبان على إبن آدم وكلاهما لا يدومان، سعيد من عاش بينهما راضيا حامدا لله، وشقي من باع آخرته لأجل الدنيا الفانية. يقول تعالى في محكم كتابه: (بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون) وقال تعالى: (ولنبلونكم  بالشر والخير فتنة) فالله العليم الحكيم لم يخلقنا إلا لحكمة، إذ يريد لعباده التكامل الروحي الذي يجعل العبد مسلّما لأمره ، محتسبا كل ما يجري عليه عنده سبحانه، مطمئنا لتقدير الله في الخير والشر، فكم من قضاء لله في ابتلاءات للعباد دفع عنهم بها شرا او استجلب لهم رزقا او نعمة او فضيلة لم تكن بالحسبان، ولنا في الأنبياء والأولياء والصالحين الأسوة الحسنة، فما جرى على النبي يوسف عليه السلام من ظلم افضى به الى ان يُسترق ويُتهم ويُسجن ويُكابد المشاق لم يكن في كل ذلك إلا شاكرا لله راضيا بقضائه، فجزاه الله لصبره وتسليمه ان جعله ملكا، اما غيبته عن أبيه يعقوب عليه السلام التي جعلته يكابد الهم والحزن لفقده لسنين طوال متسلحا بسلاح الإيمان والتسليم، فقد كان بعين الله تعالى الذي جازاه لصبره بلقيا يوسفه: ( إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع اجر المحسنين) ومثال آخر هو نبي الله أيوب الذي ابتلاه الله بفقد العافية والاولاد وكل نعيم كان قد رزقه إياه إلا زوجته الصبورة المخلصة، ورغم ذلك كان يستحي ان يطلب من الله بأن يرفع عنه البلاء الذي أختاره له، راضيا بما ابتلاه حامدا اياه في كل الأحوال، فمنَّ الله عليه لصبره كما قال تعالى: (فكشفنا ما به من ضر واتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين) و...،  وأما الرزية العظمى والفجيعة الكبرى فيما جرى على سبط الرسول وقرة عين الوصي والبتول مولانا أبي عبدالله الحسين عليه السلام وعياله فقد رسمها لوحة لكل الاجيال، جسّد فيها التسليم المطلق لله تعالى والخالص من كل تردد أو ضجر أو وهن، وبنفس التسليم أكمل المسير ضعنه المبارك بقيادة إمامنا زين العابدين عليه السلام وعمته فخر المخدرات زينب عليها سلام الله والتي خطت لهذه اللوحة عنوانا "ما رأينا إلا جميلا" بنفس مطمئنة، بأن ما جرى وسيجري هو بعين الله وفي ذلك سر خلودهم وخلود دين الاسلام، حتى يرث الأرض ومن عليها  لعباده الصالحين، ويوطن فيها مهدينا (عجل الله فرجه) الذي تحمل آلام الغيبة لمئات السنين بكل ما حوتها من مآسي رضا لرضى الله تعالى: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين) فحري بنا أن ننهل من اولياء الله التفويض لله في أمورنا والتسليم لارادته، وان نعلم أن الله لا يبتلينا إلا لحكمة ولا يحجب عنا خيرا إلا لحكمة، وان صبرنا فجزائه لنا سيكون عادلا منصفا في العاجل او الآجل،  وهو من يقدر وقت هذا الجزاء، فربما يمن على الصبور في دار الدنيا، وربما يضاعف له الجزاء فيؤخره الى دار البقاء.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك