في تشرين الثاني (2000) وبدعوة من وزارة الخارجية الإيرانية، اجتمعنا حوالي (30) شخصية قيادية ومقاومة وجهادية ومسؤولة من بلدان أوسطية لبحث القضية االفلسطينية. قدَمتُ ورقةً نُشرت لاحقاً، وكانت جزءاً من كتابي "مقاربات في الاجتماع السياسي والاقتصادي الاسلامي" (الصادر بدايات 2003).
في ذكرى النكبة، والأوضاع المتصاعدة في فلسطين، أعيد نشر نص الورقة. وهذه بعض خطوطها:
1- أهمية التمييز ابتداءاً بين سياسة تحرير فللسطين، وإنشاء الدولة الفللسطينية.
2- الدول في ظل سايكس-بيكو والاستعمار جاءت لأسرنا وضبط حركة شعوبنا وسلبها حقوقها، وليس لتحررها وانطلاقها.
3- اتفاقات "اوسلو" ايضاً اعتراف من العدو بانغلاق مشروعه التاريخي (اغتيال رابين1995). لكنها تشرعن االاحتلال، والدولة ( باطار حل الدولتين) التي تنادي بها ترسخه. وليس تحرير الجزء للوصول للكل، حسب قوانين حروب التحرير.
4- آخر انتصار "ااسرائيلي" كان حرب 1967. أما حرب اكتوبر 1973 فهجوم وهجوم مضاد، والانتقال من الهزائم والدفاع السلبي الى الدفاع الايجابي، ثم المواجهة، والبدء بمسك المبادرة، وفرض بعض شروط الاشتباك، وبروز بدايات "المركز القيادي الفللسطيني والاقليمي"، وربط الجبهات فللسطينياً واقليمياً، كما ظهر جلياً في معارك االقدس، واراضي 1948، وتحرير الأسرى، وحرب الانفاق، والصواريخ والمواجهات الجماعية والفردية.
5- رغم التضحيات العظيمة، لكن الحلقة المفقودة لللمقاومة الفللسطينية هي افتقاد "مركز قيادة سُوقي وتعبوي موحد" لتحرير فللسطين، وليس لبناء دولة، أية دولة.
اذ لاحظنا لبنانياً انه عندما قام "المركز القيادي" (االمقاومة الاسلامية) حُرر لبنان بعد اجتياح 1982، وحُرر الجنوب (2000). ولاحقاً (للورقة) دُحر الهجوم االاسرائيلي (2006). وكذلك في غزة عندما قام "المركز القيادي" دُحرت هجمات (2008-2009) و (2014) و(2021)، واصبحت "غزة" منطقة محررة، يتعذر على "االاسرائيلي" دخولها، تدعم بقية الجبهات في حركة صاعدة وشاملة. فالكفاح المسلح من الخارج اساساً بعد هزيمة (1967)، ثم اانتفاضة الحجارة (1978 و2000)، لنقف اليوم على أعتاب التحرير.
في مقالة "استراتيجية المواجهة" قبل أكثر من 30 عاماً كنا نستشرف المصير المتهاوي للكيان االصهيوني. وقد يكون مفيداً -الآن- نقل بعض ما كتبه رئيس الوزراء السابق "أيهود باراك" في "يديعوت احرونوت" في 7 آيار الجاري بعنوان "لعنة العقد الثامن".
يكتب ان المملكتين االعبريتين قبل الاف السنين (مملكة سلالة دافيد ومملكة الحشمونائيم/المكابيين) قد بدأ انهيارهما في عقدهما الثامن.. وان الدولة االعبرية اليوم لا تواجه اساساً خطر "حماااس" او "حززب الله" او "اايران"، بل لعنة العقد الثامن. ويقول اننا "ككيان سيادي وصلنا العقد الثامن (74 عاماً) ونحن، كمن استحوذ عليهم الهوس، بتجاهل صارخ لتحذيرات التلمود، نعجل النهاية، ومراراً وتكراراً ننغمس في كراهية مجانية". ويقول "لسنا الوحيدين الذين اصابتهم لعنة "العقد الثامن". في "العقد الثامن منذ إقرار الدستور، اندلعت -الحرب الأهلية- في الولايات المتحدة. في -العقد الثامن- لتوحيدها، في 1860، تحولت ايطاليا الى فاشية. وفي عمر مشابه -بعد توحيدها- أصبحت ألمانيا نازية. في -العقد الثامن- للثورة الشيوعية تفكك الاتحاد السوفيتيي.. قادة الجيل المؤسس يُعتبرون عمالقة فوق طبيعيين. الجيل الثاني هو جيل عملي. الجيل الثالث، سيعتبر انجازات الماضي بديهية". (انتهى كلام باراك)
نستنتج، اننا أمام مخاضات ولادة (تحرير فللسطين)، وان االاحتلال واالاستعمار أمام ارهاصات زوال.
"ابن خلدون" يؤكد في "مقدمته" ايضاً، ان دورة المُلك (5) أجيال. الثلاثة الأولى لا تختلف كثيراً عما يذكره "أيهود باراك". أما الجيلان الرابع والخامس فهما جيلا فساد وسقوط.
عادل عبد المهدي
https://telegram.me/buratha