( فإنّ مع العُسر يسرًا .. إنّ مع العـُسر يسرًا ) الاية 5 سورة الانشراح
العُسر واليُسر من السنن الالهية الحتمية التي يمرّ بها الانسان اثناء مسيرة حياته ، فسنة الابتلاء من السننّ المطلقة التي اوجدها الله تعالى لايقاظ العبد من الغفلة التي يقع في بئرها مراراً وتكراراً و لتذكيره بالمنعم المتفضل عليه لعله يرجع الى الطريق المستقيم .
حين تلاطم العبد امواج العُسر يلوح له طوق نجاة بإسم اليُسر يكون له بمثابة الامل والحافز للخروج من امواج العُسر تلك عن طريق المثابرة والتجذيف نحو الهدف ، وبطبيعة الحال لن يُرمى الطوق الا بعد السقوط في الموج اي ان اليُسر يأتي بعد العُسر ولكن من لطيف وصف القران الكريم أن جعل العُسر بمعية اليُسر ( إن مع العُسر يسرا ) على الرغم انه يسبقه بخطوة وذلك لبيان مدى تلازم السُنتين ولكي لايستغرق العبد في ابتلاءه ويركن الى اليأس مازال انه يُدرك انه متلازم مع فرج و يُسر وبفاصلة زمنية لايعلمها الا الله .
كما تبين إنّ اليُسر يشترك مع العُسر في كونه سنّة الهية غير ان العُسر سنّة مطلقة لادخل لإختيار الإنسان فيها بينما اليُسر هي سنّة الهية مشروطة ولإرادة الانسان اثر عليها كما في سنة التغيير ، فمن الضروري أن يعي الإنسان أن اليُسر من الله تعالى واستدراره يكون بعطاء الإنسان وتقواه ( من اعطى واتقى وصدّق بالحسنى فسنيسره لليسرى ) ( ومن يتق اله يجعل له من امره يُسرى ) .
كما ارتبط مفهوم اليُسر ايضا بانشراح الصدر فلقد أُستهلت سورة الانشراح ب ( ألم نشرح لك صدرك ) كمقدمة لاستقبال العُسر ، فالصدر هو الإناء الذي سيصب فيه ذلك الابتلاء فإن ضاق امتلئت جوانبه بالعُسر وقلت الحلول وإن اتسع كان للعُسر فيه ساحة جزئية لاكلية وعلى اثرها يستطيع التعامل معه على نحو أيسر.
لقد طلب نبي الله موسى عليه السلام من الله تعالى انشراح الصدر وتيسير الامر ( رب اشرح لي صدري ويسر لي امري ) حينما امره الله تعالى بالذهاب الى فرعون ودعوته الى طريق الحق ولقد كانت مهمة في غاية الصعوبة والعُسر ليس فقط على مستوى طغيان فرعون بل للظروف الخاصة التي على اثرها ترك نبي الله موسى مصر .
لقد قدّم النبي موسى ع في طلبه (انشراح الصدر) قبل ( تيسير الامر) وبذلك يكون قد طلب مضاعفة قدرته على التحمل قبل أن يطلب تخفيف الحمل ، فإتساع الصدر لمثل هذا الابتلاء امر مهم لخلق مساحة للتعامل والحركة في ساحة الابتلاء حتى يُفتح باب اليُسر ويستقبل حلول للعقبات التي ترافق الأبتلاء .
اللهم يسر لي ما اخاف تعسيره ، فإنّ تيسير ما اخاف تعسيره عليك سهل يسير ، ويسر لي ما اخاف حزونته ونفس عني ما اخاف ضيقه ، وكف عني ما اخاف همه ، واصرف عني ما اخاف بليته يا ارحم الراحمين .
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
28 / شهر رمضان / 1443هــ
https://telegram.me/buratha