(........ واوفوا بالعهد ِ إنّ العهدَ كان مسؤولاً ) سورة الاسراء الاية 34
العهد هو اتفاق مبرم بين طرفين له افق زمني قد يطول أو يقصر وله الية تتحقق بوجود طرفين ومادة للإتفاق تقر شفهيا ً أو كتبيا ً ، وبانتهاء مرحلة الإقرار هذه ينتقل العهد الى ساحة التطبيق وهناك تتلقفه التغيرات التي يرسمها الزمن على ملامح الاطراف وتفرضها معطيات جديدة ، وهنا يظهر مفهوم الوفاء ساندا ً لمفهوم العهد
فلوفاء بالعهد هو الثبات على تلك الاتفاقات المبرمة والحرص على تفيذ بنودها بغض النظر عن اي تغيير ممكن أن يطرأ ، والقيمة للمفهومين تكمن في أن العهد نواة لنظام حياة الإنسان والمحور التي تدور عليه رحى الحقوق والواجبات أما الوفاء بالعهد فهو صمام امان حفظها من أي نكث اوغدر وهي الفضلية التي أكد عليها القران الكريم والائمة عليهم السلام في احاديثهم فعن الامام علي ع ( الوفاء تؤأم الصدق ) .
إن الوفاء بالعهد فضيلة تنبع من إناء الفضائل ( المروءة ) ، أي انها تنبع من الفطرة الإنسانية قبل أن تكون خُلقاً يحث عليه دين الإسلام وعليه لابد أن يُحافظ على طهارة هذه الفطرة في قلوب الاطفال وأن يخضع لتجارب تعزز وفاءه بالعهد قبل مرحلة التكليف وهذا الواجب ملقى على عاتق الابوين حيث يبرمان معه عهودا ً صغيرة تلائم مستوى ادراكه ليلمس ثمار التمسك بهذه الفضيلة من حب واحترام وتقدير من المقابل وكذلك حفظ التكافل الاجتماعي وإن كان بمستوى اسري ، كما انه يلمس اثار النكث إن حصل والامور التي قد تترتب على ذلك وبذلك يكون مهيىء لابرام اهم اتفاقات حياته .
عند عتبة التكليف ، يقبل الإنسان بدين الله ويعاهد ربه على تنفيذ بنود العقد وتبقى سلامة هذا الاتفاق مرهونة بالتمسك بفضيلة الوفاء وان اثرها راجع لذات الإنسان فحاشا لله أن يضره نكث ناكث ، إنّ وفاء الإنسان في عهده مع ربه يكون مقدمة مريحة وسلسة لوفاءه في دائرة الحياة الإجتماعية فالإلتزام وتحمل المسؤولية أمام الله تعالى بطبيعة الحال اصعب لكونه اتفاق مبرم على مدار العمر والعهد لخالق مطلق لا يغفل ولا يسهو.
إن كل أنة تأنها الامة هي نتاج نكثها لعهدها مع الله ورسوله في موضوع الإمامة ، نعم لقد اقرت الامة لفظا ً وعاهدت بل انها استبقت بالتهنئة و (بخ بخ ت ! ) لكنها وقت العمل قد نكثت ولم تمهل رسولها ان يهال عليه تراب الارض !!!! ، نكثت الامة عهدها السماوي والارضي فباتت هائمة تائهة مورثة الجيل الجديد اثار ذلك الفعل الشنيع .
إمامنا غائب نبكيه وننتظره ونطلق في سماء غيبته كل صباح اسراب العهود ولكن هل سنوفق للوفاء بها ؟!! لابد لنا من ان نستغل وقت الغيبة في التدريب على هذه الفضيلة لتكون ملكة ذائبة في نفوسنا علنا نوفي لبقية رسول الله ، الرسول الذي ذاق واهل بيته الامرين من غدر شرار الامة .
شقشقة / باتت مؤسساتنا التربوية معابد للاصنام ، تنتج ثماثيل الأنا وتعطل العقول بالحفظ دون الفهم ولو كانت المؤسسات اراض تزرع فيها بذور الفضائل لانطلق العقل في افاق التفكر وانتج ما يُحمد عقباه .
27 – شهر رمضان - 1443
https://telegram.me/buratha