( إنّ الله يأمر بالعدل والإحسانِ وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ) سورة النحل الاية 90
المروءة هي اداب نفسانية تحمل مراعتها على الوقوف عند محاسن الاخلاق وجميل العادات ، وبتعبير آخر هي حالة انسانية تتمثل في الصفات الاساسية التي ينبغي أن يتحلى بها الإنسان بما هو إنسان من امارات الخير وصفات الكمال ، وقد أختص مفهوم المروءة بإتساع افقه ، فلم يصادفني مفهوم اخر له هذا الكم من التعاريف اللغوية والاصطلاحية وله هذا الكم من الاحاديث التي نُقلت عن لسان الائمة عليهم السلام وبطريقة منوعة اذ لا يتشابه الوصف من حيث الظاهر .
فعندما سُئل الامام علي عليه السلام ما المروءة ؟ اجاب في مواضع مختلفة بأنها ( اجتناب الدنية ) ، ( انجاز الوعد ) ( القناعة والتجمل ) ( أن ينصت الاخ لاخيه اذا حدثه ) كما انه عليه السلام مر ذات يوم على مجموعة فقال لهم فيم انتم ؟ قالوا نتذاكر المروءة ، فقال أو ما كفاكم الله في كتابه ، فسألوه في أي موضع فتلى ( إن الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى ............).
فالمروءة هي اسم جامع لسائر الفضائل والمحاسن ولهذا السبب تعددت الاحاديث والتقطت كل منها زاوية من المروءة لبيانها ، فباقة الفضائل قُدمت بإسم المروءة والتي أُشتق اسمها من المرء لارتباطها الوثيق بالإنسان ، ولم يقتصر مفهومها الى التحلي بالفضائل بل امتدت لبُعد اقتصادي واجتماعي فعن الامام الحسن المروءة ( شح الرجل على دينه وإصلاحه ماله، وقيامه بالحقوق ) . فالقيام بالحقوق المترتبة على الانسان واستصلاح ماله واستثماره في موارد النفع كلها تصب في نهر المروءة .
تخلي الانسان عن مروءته هو تخلي عن انسانيته وعن دينه فعن الامام الكاظم ع ( لادين لمن لا مروءة له ) وقد نقل التاريخ ان معاوية سأل عمر بن العاص عليهما لعنة الله ما الذ الاشياء ؟ فقال : اسقاط المروءة ... وهو بهذا الجواب يريد ان يُبين انه في حال سقوط المروءة عن الرجل يصبح كل شيء ممكناً ويكون اداة طيعة لامثالهما.
في حياتنا المعاصرة خُدشت الانسانية مراراً وتكرارً وتعثرت المروءة بين الاجيال حتى اصبحت الان محدودة الافق وكيف لا وقد شحت الفضائل المفردة فكيف لا نتوقع شحة محتوى الاناء الذي يحويها مجتمعة !
إن ما يخشى عليهم حقا ً هم فئة الشباب من الرجال الذين جعل الله المروءة زينة لهم ( فجمال الرجل مروءته ) فإن سقطت عنه في باكورة شبابه خسر دينه وخسر المجتمع قائدا ً لاسرة !!
فأين شباب اليوم من مفهوم المروءة ، أين مروءته وهو يتراقص ويتمايل ويضع المساحيق وينافس النساء في مجالات التجمل ، لاعجب ان كثُرت حالات الطلاق في ظل غياب مروءة نسبة لا يُستهان بها من الرجال
اذا المرء اعيته المروءة ناشئا ً فمطلبها كهلاً عليه شديد
24 شهر رمضان 1443هــ
https://telegram.me/buratha