المقالات

من الألف الى الياء الحلقة الثانية والعشرون ( كف الاذى )


 

(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) سورة الاحزاب الاية 58 

كف الأذى من الفضائل الانسانية عالية القيمة  وخُلق راقي يمكن أن  يتحلى به الفرد المسلم تجاه الاخرين   ، وهو سرِّ من أسرار السلام الاجتماعي  كونه  يُغلق أبواباً للحقد والإنتقام ممكن ان تُفتح في حال صدور الاذى.

لقد كرّم الله الإنسان  وحباه بنعم كثيرة وتوّج هذا التكريم بأن وضع له شريعة تنظم حياته مع الاخرين وتحدد له حقوقاً وواجبات كما ان الشريعة قد تفضلت عليه بأن جعلت لوجوده  الإنساني حرمة  عامة لايجوز تخطيها (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا)  وميزّ الإنسان المؤمن بحُرمة خاصة تتناسب ومساحة  إيمانه  فعن الرسول الاكرم ص مخاطبا ً الكعبة (مرحباً بالبيت, ما أعظمك وأعظم حرمتك على الله, والله للمؤمن أعظم حرمة منك).

ولم يكتف الشرع في بيان حدود تلك الحُرمة فحسب بل بيّن جزاء من يتجاوز حدها فلقد بينت الاية التي استهلت الحديث بأنهم يكسبون الاثم ويحتملون البهتان كما إن الرسول الاكرم قد نسب كل اذى يصدر تجاه مؤمن اليه ص  ( من آذى مؤمناً فقد آذاني ) فكيف ومع  هذا الجزاء يجرأ الانسان على ارتكاب الاذى في حق الاخرين ؟ 

إن جذور هذا الفعل ترجع الى اهمالنا لمفهوم  العبادة الاجتماعية وانحسار تركيزنا على العبادات الفردية رغم انها لاتخلو من بُعد اجتماعي ايضا ً  ، نحن لا نلتفت  بجدية الى أن طبيعة  التعامل مع الاخرين هومن اقصر الطرق لنيل رضا الله عز وجل من خلال قضاء حوائجهم  وإدخال السرور الى قلوبهم  وبالحد الادنى كف الاذى عنهم  .

إن الشيطان جعل ايقاع العداوة بين الناس في صدارة  اهدافه ( إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء) اي انه  استهدف تخريب  العبادة الاجتماعية  قبل الفردية لما  للتماسك والوحدة والالفة والمحبة بين الافراد  من أهمية في حفظ  الاسلام .  

لقد نهى الله ورسوله  عن اذى المؤمن من جانب كما انه حفز على فضيلة كف الاذى من جانب اخر ، وجعل لها ثواباً  وثمارات في الدنيا والاخرة ، فكف الاذى صدقة  (قُلتُ : يا رَسولَ اللّهِ ، أرَأيتَ إن ضَعُفتُ عَن بَعضِ العَمَلِ؟! قالَ : تَكُفُّ شَرَّكَ عَنِ النّاسِ ؛ فَإِنَّها صَدَقَةٌ مِنكَ عَلَى نَفسِكَ  ) كما انها لها دورا ً في جعل الانسان محبوب وعزيز بين الناس وتخلصه من تبعات حقوقهم المتعلقة  في رقبته إن مسهم بأذى والاهم انها اقتداء بخُلق الرسول الاكرم واهل بيته الميامين فإن التمسك بهذه الفضلية لون من كمال العقل كما اشار الامام السجاد ع . 

  في حياتنا العصرية نبتعد شيئا ً فشيئا ً عن  هكذا فضائل ، وتمتلىء الساحة بأطاريح  اجتماعية غريبة  تهدف الى انزواء الانسان  واكتفاءه بذاته وبالكاد باسرته في  افضل الاحوال ، وتشجع الفرد في بعض الاحيان على الاذى اللفظي ( التنمر )  كوسيلة للدفاع عن نفسه !! بعد ان يتلقى كما ً من الاذى يضعف روحيته .

مع قليل من التأمل يتبين  ان هذه الفضيلة نبع للخير نسأل الله ان نرتوي منه 

                                                                                               22- شهر رمضان – 1443هــ

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك