المقالات

خذلان الأمة لقائدها


عبد الكاظم حسن نصير ||

 

تَتَقَوَمُ الامة بما تحمله من صفات وقيم وأُسس أخلاقية ترسم الوجه الحقيقي للمجتمع المكون لتلك الأمة.

مسؤولية الأمة مسؤولية عظيمة في الاضطلاع بترصين القيم والمثل العليا البعيدة عن الصراعات والتقاتل, والبعيدة عن الماديات التي تكون اساسا للصراعات البينية, فالأمة مسؤولة مسؤولية تضامنية عما يجري داخلها, فمسؤولية المصلح أن يشخص الخطأ ويضع الحلول لمعالجته, ومسؤولية المخطئ ان يرعوي عن غيه وان يتوقف عن الاستمرار في خطئه ويحاول اصلاح ما خربه نتيجةً لأخطائه.

لا عذر لأحد في التنصل عن المسؤولية التضامنية, ولا يحق لأحد أن يتنكر لهذه المسؤولية, فالسنن التاريخية تشهد إن الأمم التي تنصلت عن مسؤولياتها استحقت العذابات المختلفة, وتعرضت لهزات عنيفة غيرت من واقعها.

سعادة الامة في حصولها على قائد همام ناصح صالح وسالك لدرب الصلاح, قائد من الامة يعرف ما يقومها ويشخص عللها, وقادر على تغيير أوضاعها وانتشالها من القاع, ويأخذ بيدها الى القمة, وعلى الأمة أن تنصح لهذا القائد وأن لا تغشه, وأن تعمل بما يرسمه هذا القائد الصالح, والذي لا يتفرد بالأمة لأجل ذاته او مصالحه, انما يعمل كعضو فعال في جسد هذه الامة.

كان الامام علي عليه السلام حقيقة جلية للقائد الصالح, والذي يعرف طريق الصلاح بكل تشعباته, فالإمام علي عليه السلام كان فردا في المجتمع لا تغره زخارف الدنيا وبهرجة السلطة, كان كل همه أن ينتشل الأمة من مهاوي الضياع والضلال, ويجعلها امة متنورة تسير بالسيرة الحسنى, أمة لا غلبة فيها للعصبيات القبلية, ولا افضلية للأعراق, ولا تمييز فيها للطبقات البرجوازية, ولا اسبقية لِمَنْ هم حول السلطة.

كان الإمام علي عليه السلام واضحا في سيرته, فهو لم يحابي أهل الأموال, ولم يميز بين الطبقات, فالكل عنده سواسية, سار بالأمة بسيرة العدل والاحسان دون النظر للانتماءات والانساب والمواقع, وكانت سيرته في تطبيق أحام الشريعة هي ان لا تأخذه لومة لائم في توقيع العقوبة على من تثبت ادانته بجرم مخالف للشريعة وإن كان سيد قريشا, ويعطي الحق لأضعف فرد وإن كان عبدا حبشيا, فالتفاضل عند امامنا علي عليه السلام هو الميزان الالهي "إن أكرمكم عند الله أتقاكم".

هذه السيرة العطرة لإمامنا عليه السلام لم تجد صداها عند اولئك الذين يحسبون أنفسهم إنهم عِلية القوم, فأخذوا يُحيكون الدسائس والمؤامرات لإيقاف هذا السلوك الانساني المتمثل بإمامنا علي عليه السلام.

هذه المؤامرات والدائس والمدعومة بإعلام مضلل اخذت تتغلغل وسط الامة, مما جعلها تتقهقر وتشهد حالة نكوص كبيرة أدى بها لأن تتخلى عن قائدها, فاستقبلت الأمة امامنا علي عليه السلام بثلاث حروب عبثية قادها الحزب الاموي صراحة تارة وتحريضا تارة اخرى, حروب اوقفت مسيرة البناء الانساني للامة والذي هو أساس كل بناء.

نكوص الأمة كان سببا لإراقة دماء الامام عليه السلام, فالأمة التي تضعف مناعتها تجاه المؤامرات والدسائس ستكون امة ضعيفة يتمكن منها العدو بكل سهولة, وينفذ مخططاته فيها بكل أريحية, لذا كانت خطة اغتيال أمير المؤمنين عليه السلام نتيجة طبيعية لتخاذل الامة وانهزامها الداخلي, فالأمة التي لا تحفظ قدواتها ستكون عاقبتها خسرانا وحسرة, وهذا ما خبرته الامة بعد فقدها امامها علي عليه السلام, حيث اصبحت امة مشتتة يتلاعب بها حزب ال امية كيفما يشاء.

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك