المقالات

الفضل ما شهدت به الأعداء


مالك العظماوي ||

 

ونحن نعيش في هذه الليالي الكئيبة والأيام الحزينة برحاب الذكرى الأليمة لإستشهاد إمام الموحدين وقائد الغر المحجلين وسيد البلغاء والمتكلمين، الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام.

هذا الرجل الذي شغل الدنيا منذ ولادته حتى يوم إستشهاده، بما له من كرامات وفضائل أعترف بها الأعداء قبل الأصدقاء والكافرون قبل المسلمون والأبعدون قبل الأقربون. لم يجد الأعداء مثلبة بالرجل ليذموه فوجدوا أنفسهم يمدحوه! كان غريباً بكل شيء، فقد ولد في بيت الله - في سابقة لم تحدث لأحد قبله ولا بعده - واستشهد في بيت الله - صائما، ساجدا وذاكرا - ولولا إنشغاله بذكر الله سبحانه وذوبانه في ذكره تعالى وخشوعه بسجوده، لِما تجرأ أحد قط أن يمس منه شيئاً قيد إنملة.

فقد كان - سلام الله عليه - عابدا، رحيما، شجاعا، كريما، عادلا، وفقيها. وكل ما نعرفه عنه هو مما ذكره القرآن الكريم ومما جاء عن نبي الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم، ولم نأت بشيء من عند أنفسنا، ولا تربطنا صلة قرابة بالرجل، ولا تعصب أو إنحياز، وإنما وجدناه حبلاً متيناً وعروةً وثقى وإيماناً راسخاً وميزان حقٍ وصلةً خالصةً لله تعالى. وعبر عنه القرآن الكريم في مواطن عديدة، كقوله سبحانه: [إِنَّمَا وَلِیُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلَّذِینَ یُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَ ٰ⁠كِعُونَ] الذي لا يختلف المسلمون بأن هذه الآية نزلت بحقه بعد أن تصدق بخاتمه وهو راكعاً.

وقوله تبارك وتعالى: [فَمَنۡ حَاۤجَّكَ فِیهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡا۟ نَدۡعُ أَبۡنَاۤءَنَا وَأَبۡنَاۤءَكُمۡ وَنِسَاۤءَنَا وَنِسَاۤءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَـٰذِبِینَ] وقد عبر عنه القرآن بأنه كنفس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما ونزلت سورة الإنسان كاملة في حقه وحق أهل بيته عليهم السلام، وغيرها من المواقف كمبيته في فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وآية إتمام الدين، وآية {أَجَعَلۡتُمۡ سِقَایَةَ ٱلۡحَاۤجِّ} .. وغيرها كثير.

ومن أسمائه عليه السلام، بأنه الفاروق الأعظم، وهذا الإسم من الأسماء المميزة إلى يومنا هذا، فهو الفاروق بين الجنة والنار، والكافر والمسلم، والمؤمن والمنافق، والإيمان والشرك، والإنسانية والهمجية، والرب والأصنام، والزهد وحب الدنيا. كما إنه فاروق بين من يسير بنهجه ومن خالفه، والمخالفون ليس بالضرورة أن يكونوا من شانئيه ومبغضيه بل حتى ممن يدعون بأنهم يسيرون على نهجه ومنهجه - وهو منهم براء - فكثيرون هؤلاء الذين يرفعون شعار علي، وهم يتكالبون على حطام الدنيا وحب الشهوات والمناصب، وأساءوا لإسمه (عليه السلام) والى أتباعه وارتموا بأحضان الأجنبي وأعداء الدين من أجل أن يحصلوا على مكاسب ومناصب على حساب دينهم ومنهج علي القويم! فكم من مدعٍ يتظاهر بالإصلاح والسير على نهج علي وهو كاذب أفاك، اتضحت نواياه وبدت أفعاله لا تشابه أقواله. فما أحوجنا إليك أيها الرجل العظيم الذي لا يدانيه بالفضل أحد من الأولين والآخرين بعد رسول رب العالمين صلى الله عليه وآله أجمعين.

ـــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك