( .... ورحمتي وسعت كل شي ......) سورة الاعراف الاية 156
الرحمة هي صفة ربّانية مدتّ جناحيها في عالم الوجود فوسعت كل شي ، فلقد شملت جميع الموجودات بلا استثناء بتلك الطاقة الإيجابية ذات المفهوم الاخلاقي الرفيع الذي تذوب فيه عشرات المفاهيم الراقية من حب وتضحية وانكار ذات وعطاء وعفو وعطف وتسامح ورأفة لتشكلّ بمجموعها مفهوم الرحمة الذي يمتلك بعدا ً معنويا ً متمثلا بالحب والرأفة والعطف وهذا البُعد المعنوي يكون قوة محركة للإنسان ليُقدم على فعل خارجي سلوكي كالعطاء والعفو والتضحية ، فالرحمة نعمة من الرب لعبده ليتنعم ّ بها و زرع القى بذوره في قلبه ليكون مرآة لمصدر الرحمة في تعاملاته .
إن الرحمة هي رحمانية رحيمية ، اشتق منها الباري اسمين اختص بهما فهو الرحمن الرحيم فالرحمن صفة للذات الالهية وتُغدق على جميع الموجودات عاقلة كانت ام لا والرحيم تعني دوام الصفة وعدم انفكاكها وهي تختص بالمؤمنين ( وكان بالمؤمنين رحيما ً ) ، لقد قدم الله عز ّ وجل الصفتين في البسملة والتي كانت باكورة لكل سورة في القرآن الكريم فجعل من الرحمة الاطار الذي يحيط بالاحكام والقصص والعبر والتشريع الوارد في السور ، بل وجعل علة ارسال الرسل هي الرحمة ( وما ارسالناك الا رحمة للعالمين ).
الرحمة صبغة اصطبغت بها معاملة الله عز وجل مع عبده ( كتب على نفسه الرحمة ) والقى في قلب الانسان بعضها ليصطبغ هو بدوره بالرحمة تعاملاته مع الناس ويستلهم الالية من كتاب الله عز وجل ورسوله وعترة نبيه فقد ورد عن رسول الله امر للمؤمنين ( ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء )
إن لهذه االصفة ابعاد اجتماعية في غاية الاهمية فهي تشع روح السلام والالفة وتدك الأنا وتغمد روح التفاضل وتشيع روح التكامل وتمد حبال الوصل بين الناس فما اجملها من اثار تترتب على تلك الصفة الحسنة .
لقد من ّ الله علينا برحمته التي وسعت كل شيء واختصنا بخاتم الرسل ّ محمد صلى الله عليه واله نبي الرحمة وزادنا رحمة بوجود بأولياء الله وهم معدن الرحمة وبذلك اصبحنا امة متعددة المناهل الرحمانية وعلى قدر النعمة يأتي لحساب ، فبمستوى هذا الكم من الاغداق يُطلب منا العطاء ، فهل كنا مرآة صافية لهذا الكم من الرحمة ؟!!!
ربنا لاتزغ قلوبنا بعد اذا هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة
10 / شهر رمضان / 1443 هــ
https://telegram.me/buratha