المقالات

سقوط بغداد..أم سقوط الصنم؟! 


يونس الكعبي ||   يمثل يوم التاسع من نيسان عام 2003 حدثاً مفصلياً و مهماً في تاريخ العراق.و كل ينظر الى هذا اليوم من منظاره الخاص ، فالبعض يرى في هذا اليوم عيداً للخلاص من نظام دموي و دكتاتوري جثم على أرض العراق ، و البعض الاخر يراه نهاية فترته الذهبية ممن كان مستفيداً بشكل أو بآخر من النظام السابق. و البعض متألم الى ما آل اليه بلده من خراب ودمار على يد القوات الغازية  ، وبغض النظر عن كل الاراء ، يمثل هذا اليوم يوماً أسود في تاريخ العراق و بسبب السياسات الخاطئة لنظام حزب البعث و عدم معرفة  سياسة المتغيرات والالمام بها آلتي تحدث في العالم ، ادى كل ذلك الى غزو العراق و تقديم الذرائع الى المحتل الاميركي ليدوس بدباباته كل ما يمكن أن تناله ماكنته الحربية في واحدة من أبشع الحروب التي شنت في العصر الحديث. القوات الاميركية و من تحالف معها لم تكن تقاتل الجيش العراقي و انما تصرفت كونها  آلة تدمير  ممنهج للشعب و كل مقدراته ، فلم تترك مكاناً في العراق لم تدمره هذه الماكنة الحربية وكأنها قررت أن تجعل العراق خارج الحضارة الحديثة و ما عجزت عنه الماكنة الحربية أكملته الأيادي الخبيثة و من ساعدها في سلب و نهب كل مقدرات الدولة العراقية تاركةً العراق بلداً مخرباً و مجرداً من كل شيء و فوضى عارمة في كل مكان ، و لاوجود الا لقوات  الاحتلال و مصير مجهول و شعب مشرد و بنادق الأميركان تهين الكبير و الصغير في كل مكان في العراق. في هذا اليوم فقدنا الهوية الوطنية و اصبحنا نبحث عن مكوناتنا و تناسينا أننا شعب يمتد في حضارته الى آلاف السنين ، و اصبحنا نبحث عن عناوين صغيرة ، و بدلاً من ان نواجه المحتل صوبنا بنادقنا لبعضنا البعض لندخل واحدة من أسوء فترات العراق المظلمة و هي صفحة الحرب الطائفية و القتل على الهوية ، و ساعدت على ذلك الفتاوى الوهابية التي وجدت ظالتها تحت الاحتلال الأمريكي و مسوغات وجود هذا الاحتلال ، لتقوم بنفث سمومها ضد أبناء الطائفة الشيعية  و باقي الطوائف التي لا تتفق معهم بأفكارهم الهدامة. أن تسمية هذا اليوم بسقوط بغداد قد يكون واهماً لأن بغداد كمدينة لا تسقط ، فهي شامخة برموزها و معالمها و جوامعها و ازقتها التي تحمل عبق التاريخ ، ويكفي أسم بغداد لتعود الى الذاكرة صور الحضارة و القيم والمثل. و لكن ما حدث هوسقوط الصنم  الذي كان رمزا للنظام الجاثم على أرض بغداد و حول بغداد الى ثكنة عسكرية ضاعت فيها معالمها وملامحها الأصيلة. ما أراده هذا النظام  المسخ هو تحويل الهوية الأصيلة لبغداد الى مرتع للأفكار البعثية واماكن للفساد  و اللهو بعيداً عن الثقافة و الاصالة و الفكر و الأبداع ، وتحولت ساحات بغداد الى تماثيل و جداريات تمجد الصنم بدلاً من أن تمثل هذه النصب تاريخ العراق وحضارته واصبح الصنم  هو الابداع الفني الوحيد الذي ملأ شوارع و مساحات بغداد  ما يهم في هذا التاريخ هو ازالة هذا التاريخ المشوه عن وجه بغداد رغم ان هذا التغيير حدث بالآلة العسكرية الاجنبية ، لأن الشعب لم يكن  يملك الخيار و اختار هذا الطريق بعد ان فقد الأمل في التغيير و أستنشاق هواء الحرية. لنجعل من هذا اليوم عبرة لمن يعتبر و ان التاريخ لا يرحم الطغاة و ان الاصالة تبقى  في رموز  شامخة لا تتغير مع تغير الزمان. 
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك