مرتضى مجيد الزبيدي ||
تتنوع الصدف بين الجميلة والمزعجة، وبين الملائمة والتباين، وقد ورثنا مقولة شعبية (ربما صدفة خير من ألف موعد).
لكن الحقيقة صادمة، فعلماء الباراسيكلوجي يقولون بانه ليس هناك صدفة، وانما كل الصدف تأتي اما بطاقة الجذب والتفكير او لحكمة الخالق وتقديره.
واذا سلمنا لذلك او لم نسلم، فما تفسير صدفة تزامن فتوى الجهاد الكفائي، للمرجعية الدينية العليا مع ذكرى ولادة منقذ البشرية الإمام الثاني عشر عجل الله فرجه؟
غالبية الأديان والمعتقدات تقر بفكرة منقذ الكون، وعندما احتدم الصراع في العراق واستبيح ثلث أراضيهه، ضاقت الدنيا بشعبه وتحيرت أذهان المواطنين وبلغت القلوب الحناجر ، فصدحت فتوى الجهاد وكانت خير منقذ.
انقاذ العراق لا يقتصر عليه، بلى تعدى ذلك بكثير، الى ابعاد اقليمة ودولية، اقتصادية وحضارية، تاريخية ودينية، فموقعه الاستراتيجي في المنطقة، جعل انقاذه انقاذا اقليمي، مبعدا الخطر عن المحيطين به وإن لم يعترفوا بذلك.
ومكانة العراق بين الدول، فتصدر الكفاح بالنسبة للدول المستضعفة، والمستجيب للتطور نسبة للدول النامية، والمتصارع عليه من الدول المستكبرة، جعلت فكرة انقاذه دولية عالمية، انقذت الدول النامية من اليأس، والمستضعفين من الموت، والمتصارعين من الهلاك بحرب لانهاية لها.
وكونه من اللاعبين الأساس بالاقتصاد العالمي لامتلاكه اجود انواع النفط الخام، وغناه بنهريه وإطلالته على بحر الخليج، وامتلاكه الثروات والخيرات، جعلته من كبار واهم المؤثرين بالاقتصاد عالميا، وبانهياره خطر على الاقتصاد العام للدول، وبذلك عُد انقاذه انقاذا للاقتصاد العالمي من الهلاك والدمار.
ومن بين الحضارات العريقة والعظمى، للعراق حضارات تمتد لآلاف السنين قبل الميلاد، مكملة لبعض الحضارات، وأساس للكثير، يعدُها البعض طريقا للسيطرة على الجهات الاربعة للعالم لاسرارها الكونية، المعروفة عندهم والخفية، وأهم القوانين والاستكشافات من حضارته العميقة بتاريخها ومضامينها، فانقاذه انقاذ لحضارات الكون السابقة والتي اخذت عنه لاحقا.
فمنذ القدم والعراق من الدول القليلة المتربعة على قمة التأريخ، فالبشرية بدأت من هنا، وكهوف نيادرتال شاهدة على الامتداد التأريخي، أبينا آدم كان هنا، وسفينة جدنا نوح رست على هذا الأرض، والمحافظة على هذا التأريخ العميق من الضياع محافظة على تأريخ الوجود البشري بشكل عام كون العراق احد أهم بدايته.
تعددت الديانات، وابرزها الاسلامية والمسيحية واليهودية، وجميعها لها أساس في العراق وحضارة ووجود، بالاضافة الى بقية الأديان كالأيزيدية وغيرهم، أما الدين الخاتم، فركيزته العراق، كونه دولة لخلافة أمير المؤمنين عليه السلام، والعاصمة الاسلامية الثقافية، وسر وجود الاسلام وديمومته من كربلاء المقدسة، حيث الملحمة التاريخية التي صانت الدين، فانقاذ بلد حاضن للأديان، انقاذ للأديان والمعتقدات باختلافها،
فتوة الإنقاذ من بلد المنقذ قد تكون طريق يهيء لبناء دولة العدل الأللهي، خاصة انها جاء من العاصمة الثقافية للاسلام المتمثلة بالنجف الأشرف، وانطلقت من أرض ملحمة الحفاظ على بقاء الأسلام كربلاء المقدسة، كما انها انتشلت الأمة والوجود البشري من الهلاك، ولعلها صورة مصغرة او بسيطة لما سيأتي به منقذ الكون المرتقب، فتزامنها مع ولادته ليس يصدفة عابرة.