المقالات

أيَّ نظام عالمي جديد تريدهُ روسيا وهيَ شريكة في النظام العالمي الحالي؛


د. إسماعيل النجار ||

 

ما الذي تغَيَّر حتَّىَ استفاقت موسكو اليوم واعترضَت على النظام العالمي الحالي؟

أليسَت هيَ جزء أساسي ومهم من هذه المنظومة السياسية العالمية بقيادة أميركا وارتَضَت لنفسها أن تكون رقم إثنين بعد الولايات المتحدة الأميركية؟

ألَيسَت هيَ بقيادة غورباتشوف مَن أسَّسَت لإنهيار الإتحاد السوفياتي الذي كانت عاموده الفِقَري وصاحبة القرار فيه وموسكو كانت عاصمته؟

أليست روسيا أول مَن إعترفت بإسرائيل ومنعت عن دُوَل الطوق العربي السلاح الكاسر للتوازن لأكثر من سبعين عام وشريكاً لأميركا يتقاسم المصالح معها على حساب الأُمَم والشعوب الضعيفه؟

وتسبَبت بخروج الدول العربية من تحت عبائتها الواحدة تلو الأخرى بسبب سياستها معهم وتخليها عن دعمهم؟

بكل الأحوال كانت روسيا ستؤكَلُ يومَ أُكُلَ الثور الأبيض، وكانت ستنتهي بحروبٍ أهلية داخلية متنقلة وستتقسم البلاد، لولا أنَّ قيصرها الحالي تَنَبَّهَ للأمر منذ بداية الأزمة السورية،ووعىَ المخطط الأميركي باكراً، ونحنُ نقول أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي؟

أميركا الصبورة وصاحبة النفَس الطويل سارت بمشروعها ببطئ ومَشَت فيه كالسلحفاة لكن بدقة وحَذَر،

وحتى تشتت نظر أعدائها ولكي لا يلتفت أحد إلى جوهر مشروعها الذي يقضي بالتمترس على حدود روسيا تمهيداً للدخول إليها من بوابة الصراعات الإثنية والقومية في الداخل، وإشعال الفِتَن والحروب الأهلية تمهيداً لإضعافها وتقسيمها والإنقضاض على قوتها النووية والإقتصادية والتسليحية،

فكانت تشعلُ نزاعاتٍ متنقلة هنا وهناك تشغلُ فيها العالم وهي تسير بنشاط بمشروعها الأساس من دون أن يلتفت إليه أحد أو يتنَبَه إليه أحد،

إلَّا أن رجل الإستخبارات السوفياتي السابق فلاديمير بوتين كانَ الأكثر حداقَة وبصيرَة، فقد وعَىَ المخطط الأميركي متأخراً فلاقاهُ في منتصف الطريق وطوَّقَ المشاريع الأميركية داخل أوكرانيا وليبيا وسوريا ودَمَّر الإرهاب والمصانع الجرثومية في مختلف المناطق الأوكرانية، وفضَح زيف الديمقراطية الأميركية ومخططها البشع لإبادة نصف البشرية عبر نشر الفايروسات القاتلة.

فلاديمير بوتين أخذَ على عاتقهِ حماية روسيا وتقليم أظافر أميركا وبدأَ زحفه نحو معاقل إتحادهِ السوفياتي السابق، رافعاً الصوت أن لا يَد فوق يَد القيصر فيها، ومَن يعتقد أن بعض المتغيرات الجيوسياسية ستكون لصالحه لكي يأتي بالمصائب الى داخل أمبراطوريته فأنه مجنون أو حالم في ظل حكم رجل بحجم بوتين وقوته وقدرته على إتخاذ القرار في أحلك الظروف،

أوكرانيا ستسقط وإن طالت الحرب، وخريطة حلف وارسو سيرسمها بوتين من جديد عبر سياسة القضم التدريجي في مشروع يقابل مشروع الدولة العميقة في العالم، والفجوة إتسعَت بين أوروبا واسرائيل وأميركا وروسيا، ولا بُد لموسكو من تغير سياسة قبض اليد إتجاه إيران وسوريا ولا بُد لها من بسطها وإعطاء هذه الدُوَل الحليفه سلاح كاسر للتوازن بوجه إسرائيل وتركيا وحلفائهما في المنطقة.

فإذاً السنين القادمة ليست خيراً على الكيان الغاصب والسلطان العثماني الماكر،

وسيدفع هؤلاء الثمن بكل تأكيد.

 

بيروت في...

                 19/3/2022

ــــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك