المقالات

أوكرانيا..وتدمير العراق

2220 2022-03-06

 

ا.د. جهاد كاظم العكيلي ||

 

في خطابٍ للرئيس الروسي فلاديمير بوتن، حول حربه ضد أوكرانيا، أوضح  فيه مُغالطات السياسة الدولية التي تتبعها أمريكا وحلفاؤها دول الغرب، وهي  تبرر شن الحروب على الدول وتدخلاتها السافرة بطرق وأساليب خارجة عن القانون والأعراف الدولية وحتى القيم والإنسانية، كشف بوتن بخطابه هذا عن تدخلات أمريكا في يوغسلافيا وتفكيكها لدول عدة، وإفغانستان مرورا بالعراق وسوريا.. غير أن أبشع الحروب الأمريكية وحلفاؤها تلك التي وقعت ضد العراق في العام 1991 وفي العام 2003، وما رافقهما من تدخل سافر تحت حجج وذرائع واهية فبركتها بريطانيا بزعامة توني بلير، والرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، ومنها إدعائهما امتلاك العراق لأسلحة جرثومية يمتلكها العراق، وكم كان المشهد فاضحا حين ظهر وزير الخارجية الامريكي من على شاشات التلفزة العالمية وهو يحمل بيده قنينة صغيرة ذات حجم ، مدعيا إنها نوع من أنواع الأسلحة الجرثومة التي يمتلكها العراق ويستهدف من ورائها تدمير العالم ..

بهذه الحجج والذرائع الواهية، وبإستهانة واضحة للمنظومة الأخلاقية التي يفترض أن تحكم العلاقات الدولية تم تدمير العراق وبنيته التحتية تدميرا شاملا وشل الحياة شللا ما بعده شلل، فيما تم إستباحة كل محضور حضاري وإنساني  حتى صح القول المأثور، عندما يختلف اللصان يظهر السارق والمسروق، لحظة إن أظهر الرئيس الروسي بوتن الحقائق جلية وواضحة، عندما شَعَر أن  الغرب الأمريكي أخذ يطرق الباب الروسي لتحجيم دورها وخنقها عسكريا وسياسيا وإقتصاديا كما حصل تماما في العراق، لكن عند الوقوف للمقارنة بين التدخل الروسي في أوكرانيا والتدخل الأمريكي في العراق، سنجد أن البون شاسع وكبير بين ما حدث للعراق من قبل التحالف الأنجلو ــ أمريكي والتدمير الممنهج الذي أستخدم ضده، وهذا ما لا نتمناه أن يحدث لأوكرانيا، ليس إنحيازا لروسيا، ولكن للتذكير ليس إلا ..  

ويبدو أن المنهج الروسي العسكري قد أخذ بعين الإعتبار عدم التعرض إطلاقا بقصف كل ما يتعلق بالحياة الإنسانية في أوكرانيا وأهمها إمدادات الطاقة المحلية والعابرة من روسيا الى اوربا عبر أوكرانيا ، ومنها محطات الغاز والكهرباء إذ لايزال الأوكرانيون يتمتعون بنعمة الماء والكهرباء مثلا بخلاف ما فعلته امريكا حين أقدمت مع سبق الإصرار والترصد على تدمير محطات الكهرباء ولأكثر من مرة في العراق ..

ففي أوكرانيا، وهي العدو المُتحالف مع أمريكا والغرب، الذي يحاول سرطنة الخاصرة الروسية، لم يشمل القصف الروسي تدمير أو تخريب إمدادات الماء،  والجسور، وأنفاق المترو وتدمير أو شل عوامل الإقتصاد والحياة المدنية، كما فعلت ذلك أمريكا في العراق، وبوحشية قاسية، ولم يَقم الجيش الروسي حين دخل كُبريات المدن والمقاطعات الأوكرانية بحرق مقار الوزارات والدوائر البلدية ومخازن المواد الغذائية وصومعات الحبوب، ولم يَقم بسرقة البنوك والمصارف والمتاحف، بل راح يحث الأوكرانيين على مساعدته لإبقاء كل شيئ على حاله، بخلاف فعلت أمريكا بالعراق حين تم تدمير كل شيئ يتعلق بديمومة الحياة الإنسانية وتنفسها، بل شجعت نفر من ذوي النفوس الضعيفة على السرقة العمدية، فيما راحت هي تتولى سرقة ما خف حمله وغلا ثمنه ومنها النفائس والمعادن الثمينة ومعالم العراق الحضارية والأثارية والمسكوكات الذهبية ونوادر أخرى لا تُعد ولا ، وما خفي كان أعظم ..

أو ليس من حقنا، أن نجري تلك المقارنة بين فعل قبيح وفعل نظيف إذا كان للحرب ثمة ضرورة، وأن نُسجل للتاريخ الإنساني الجوانب الأخلاقية في العلاقات الدولية، وأن نلفت نظر الأجيال القادمة إزاء ما حصل وسيحصل في قادمات الأيام في هكذا نزاعات دخلت منهج الحروب بين دول مُتغطرسة (عظمى أو كبرى) كما تدعي، ودول ضعيفة غير قادرة للدفاع عن نفسها، ومن قبيل ذلك أو ليس من حقنا أن نتساءل، لماذا كشفت روسيا اليوم وهي تدافع عن نفسها ضد الخاصرة السرطانية وأسيادها حقيقة تلك الأمور، وراحت تدين بصريح العبارة هي والصين النظام الدولي القائم على الأحادية والتفرد بتدمير العلاقات الدولية بعنوان الغطرسة الأمريكية وذراعها العسكري حلف الناتو ..

إنه حقا نظام غير عادل كما يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في تساؤلاته، ومنها تساؤلات أخرى مفادها، لماذا إلتزمت الكثير من دول العالم ومنها دول اوربية الصمت عن كل ما إقترفته الولايات المتحدة الأمريكية من جرائم وحشية يندى لها جبين الإنسانية بحق عدد من الدول ومنها يوغسلافيا وسوريا والعراق، لا لشيء إلا لزرع الرعب في العالم لكي تحقق مصالحها الإقتصادية وسيطرتها الجيوسياسية والعسكرية ..

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك