المقالات

روسيا تستعجل الحسم تجَنُباً لحرب إستنزاف طويلة.


 

د. إسماعيل النجار ||

 

دخلت الحرب الروسية الأوكرانية يومها السادس والقوات الروسية تتقدم داخل المدُن وتحاصر العاصمة كييڨ، وسلاح الجو الروسي يسيطر على الأجواء الأوكرانية بالكامل بعدما تم تحييد منظومة الدفاع الجوي بسرعة فائقة،

الجيش الأوكراني الممزق يقاتل بشراسة والمدنيين يغادرون مناطق القتال نحو أماكن أكثر أمناً،

موسكو لن تتراجع لأن الأمر دونه وتفكيك روسيا من الداخل وكسر هيبة الدولة القيصرية العظمىَ وإعطاء نَفَس طويل لأوروبا وأميركا لكي تُعَربِد وتزيد من إعتداءآتها في مناطق كثيرة من العالم،

لذلك لا بد من حسم الأمر بالسرعة الممكنة وبأقل تكلفة من حرب الشيشان لأن الجندي الأوكراني أقل شراسة من المقاتل الشيشاني، ولكي لا تدفع المؤسسة العسكرية الروسية ثمناً باهظاً من قدرتها وجنودها وهيبتها.

الولايات المتحدة التي إكتفت بالصلاة لأجل أوكرانيا تتمنى إطالة الحرب واستنزاف روسيا أكبر قدر ممكن،

لكن اوروبا مرعوبة وتحاول فعل أي شيء بأقصى جهدها بسبب طَرق بوتين ابوابها من بوابة اوكرانيا،

ولأن سقوط كييڨ بالنسبة لروسيا يشبه سقوط جدار برلين بالنسبة لألمانيا، ولأن مصالح العالم السياسية والإقتصادية ستتغير، وستصبح تايوان في عين التنين، وكوريا الجنوبية في عين الشمالية ولأن دولاً عديدة ستختفي عن ساحة الوجود في السنوات القادمة.

فإن سقوط اوكرانيا بيَد روسيا لا يعني أن المتغيرات توقفت هنا فقط؟ لا بل ستشهد منطقة الشرق الاوسط تغييراً جذرياً من حيث الجغرافيا والديمغرافيا.

وإن مصادر الطاقة البديلة في العالم(الغاز) جُلَّها موجود في روسيا وإيران وقطر ولبنان والعراق وفلسطين، وأميركا.

وأن تكلفة نقل الغاز من أميركا الى العالم باهظة الثمن، والأمر محسوم لصالح عدم تبني هذا المشروع اوروبياً وأسيوياً، ولأن باقي المصادر هي تحت سيطرة روسيا وحلفائها،

فإن ذلك يعني تحكم الحلف المناوئ للغرب بهذه المصادر وفرض السياسات التي يريدها كقوة ضاربة أكثر من الدولار،

لذلك تسعى اوروبا جاهدة لمساعدة اوكرانيا لكي تصمد لكي لا تصبح هيَ أسيرة خطوط الغاز الروسية،

إسرائيل التي ترتجف بين روسيا وامريكا وأوروبا تعرضت لنكستين روسيتين الاولى احتجاج روسيا عليها عبر سفيرها في موسكو بسبب تصريحات ترفض الحرب على أوكرانيا،

والثانية في مجلس الأمن عندما عبَّرَ المندوب الروسي صراحةً عدم اعتراف سيطرة اسرائيل على مرتفعات الجولان، واعتبار موسكو القدس ارض فلسطينية وليست عاصمة لدولة الكيان.

وتل أبيب تتحسس رقبتها بسبب عثور القوات الروسية على أسلحة اسرائيلية في بيد الجيش الأوكراني،

الامر الذي ستدفع ثمنه تل أبيب عاجلاً أم آجلاً

الأمور تتغير بسرعة والخوف لدى إسرائيل من إنقلاب الصورة كبير جداً لأن أي تحوُل روسي سلبي في العلاقة مع الكيان هذا يعني تشغيل منظومة S300 الموجودة في سوريا وأل S400, ما يعيق حركة سلاحها الجوي، وأن تسليم سوريا سلاح كاسر للتوازن قد يقلب الموازين ضد اسرائيل وربما قد يصل لأيدي مجاهدي المقاومة الإسلامية، فتصبح إسرائيل في طَور خطر أكبر من الذي كان سابقاً وقد ينتهي الأمر قبل أوانه.

الأمور تتغير لصالح محوَر المقاومة والحرب الروسية الأوكرانية تصب في مصلحة ايران وفلسطين، وربما أن الولايات المتحدة الأميركية ستسارع بتوقيع الإتفاق النووي مع إيران ولكن ليس قبل أن تنجلي صورة الموقف العسكري في الحرب الدائرة حالياً.

فلننتظر ونراقب وبعدها سنرها ماذا سيتحقق من ما توقعنا.

 

بيروت في

28/2/2022

ـــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك