المقالات

العنف الاسري وعقلية الفرد العراقي


ظاهر العقيلي

يذهب الكثيرون في تصرفاتهم لاستخدام القوة المفرطه في فرض امر معين داخل الاسرة وغالبا ما يحدث العنف الأسري عندما يعتقد المعتدي أن العنف حق له أو أمر مقبول أو مبرر أو من غير المحتمل الإبلاغ عنه فيتمادى في غيه وطغيانه واعتدائه على اسرته واطفاله بل ويتفنن بعضهم في استخدام اساليب القوة والتنكيل ليعكس مرضه النفسي وروحه الساديه اتجاه عائلته واطفاله على حد سواء .

 

يميل عدد كبير وكثير من عامة الناس في المجتمع العراقي خصوصا الى لغة العنف والضرب والقساوة مع العائلة والاطفال ولا يعترفون بأنهم مسيؤون أوخطاؤون لأنهم قد يعتبرون تجاربهم الوحشيه هذه نوعا من انواع التربية والاصلاح والمصلحه متناسين في ذات الوقت ان استخدام القوة في تنعنيف الاسرة والاطفال سوف ينعكس سلبا على نفسية العائلة باكملها ويعلوا القلوب الحقد والضغينه والكراهيه فتسود بذلك حالة عدائيه يتحكم بزمام امورها الشيطان والعياذ بالله ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) ولا يقف العنف الأسري عند حد معين فتبعاته تاخذ مجالات حياتيه ونفسيه واسعة وكبيرة ومتشعبه وخاصة عند الاطفال فالعنف يسبب لهم العزلة والخضوع والخوف الدائمي ( الجبن ) وسهوله السيطرة عليهم فترى اغلب حالات العنف الاسري تؤدي الى إعاقات جسدية ومشاكل صحية مزمنة وأمراض عقلية وضعف القدرة على إقامة علاقات صحيحة وقد يشمل ايظا الضحايا اضطرابات نفسية شديدة وغالبا ما تظهر لدى الأطفال الذين يعيشون في عائلة تستخدم العنف مشاكل نفسية في سن مبكرة مثل العزلة والخوف الكبير من التهديدات الخ .

 

قساوة الفرد العراقي ومروره بظروف حياتيه ومعيشيه صعبه وانعكاس الحروب وتبعاتها وظروف الحصار وتأثير الحكومات الفاشلة على مجمل وضع المواطن وتفكيره وثقافته وكما يقال الانسان وليد بيئته وغيرها اضافة الى التراكمات الجينيه والوراثيه فللظروف والثقافة عامل مهم في صناعة سلوك الناس في في كل المجتمعات الإنسانية وقد تسببت هذه العوامل مجتمعة في ازدياد حالات العنف الاسري وتعنيف الاطفال فاغلب الحالات يعود سببها الى رغبة رب العائلة تفريغ ما تضمر نفسه من رغبة لاستخدام القوة فيستخدمها دون اي رادع او تروي او واعز ديني .

 

 

ان اشكالية الفرد العراقي وميله لاستخدام القوة ليست نشات وضع معين او ظرف ما بل هي اشكالية تاريخيه فتاريخ العراق اتسم بصبغة الدم والقوة وهذا امر لا يمكن انكاره فتضارب الثقافات والموروثات الاجتماعية الهزيلة كان لها دور ايظا ومؤثر في كل الحالات الاجتماعية السلبية ومنها العنف الاسري للاطفال فمشكلة الفرد العراقي هو الطابع الوراثي والقبلي لذلك تراه ينتهج منطق القوة والعنف في كل مورد من موارد الحياة ولا يضع حلول اخرى لابسط امر او موضوع .

 

لم يجيز الدين الاسلامي ولا الشريعة تعنيف الاسرة او الاطفال منهم ولا يوجد اي مسوغ عقلي وانساني ناهيك عن القانوني في ضرب او استخدام القوة ضد الاطفال والاسر وهذا مخالف للمنطق فعن رسول الله ( ص واله ) قال ( أكرموا أولادكم وأحسنوا إليهم) كما وجاء عن الامام علي بن موسى الرضا ( ع) ان احد اصحابه قال شكوت الى أبي الحسن موسى (عليه السلام) ابنا لي ,فقال : لا تضربه واهجره ولا تطل) .. اذن كل الامور والاستدلالات الفقهيه والعقلية والانسانية والادبية الاخلاقية تشير وتوجب عدم استخدام القوة وفي كل الاحوال وان اي تصرف خلاف ذلك فهو مرض نفسي وعقلي ويدل على شخصية ضعيفه وغير متزنه وكما قال الشاعر :

لَو كانَ ذا خُلُقٍ لَأَسعَدَ قَومَـهُ       بِبَيــانِــهِ وَيَــراعِــهِ السَبّــاقِ

 

ان الدعوة لتطبيق القانون ومحاسبة اصحاب حالات التعنيف الاسري واستخدام القوة المفرطه بات ضرورة ملحة حتى يمكن السيطرة على هذه الحالات ولا تستشري في المجتمع وتكون بمثابة حالة طبيعية جدا ومن متطلبات ديمومه الحياة الاسرية وهذا ما يخاف منه مستقبلا حاله حال انتشار المخدرات والعادات الاجتماعية السيئة والعياذ بالله .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك