المقالات

العدالة الغائبة والعقاب المؤجل


رياض سعد

لم تستقم حياة الشعوب الا بالعدل ولم تتطور الامم الا بسيادة القانون ولم تستقر البلدان الا باحترام حقوق الانسان , ولا يمكن حماية حقوق الإنسان في المجتمعات بدون أن تكون سيادة القانون قوية بحيث يحاسب المجرمون ويعاقب السفاحون .

ومن المعروف ان العراق اصبح وكرا للجلادين والمجرمين – من شذاذ الفئة الهجينة – ومعتقلا كبيرا لتعذيب وقتل العراقيين وسحق كرامة وحقوق المواطنين .

وعلى مدار العقود الثمانية العجاف ولاسيما سنوات البعث المجرم ، اثار موضوع التعذيب وانتهاك حقوق الانسان اهتماماً عراقيا وطنيا – من قبل احرار العراق - ومن ثم دولياً – فيما بعد ولو على صعيد الاعلام الحر - متزايداً، مع الكشف التدريجي عن الممارسات المسيئة والجرائم البشعة التي نفذتها اجهزة القمع الهجينة والبعثية والصدامية تحت مسمى مكافحة الرجعية ومعاداة الحزب والثورة .

ان القصاص العادل إذا أُقيم فهذا يعني وجود العدالة في المجتمع ، وإذا وجد هذا العدل قامت حياة الناس على احترام القانون وحقوق الانسان .

ثم أيضًا إذا وجد هذا القصاص : أن يُفعل به - المجرم- مثل ما فعل – بالضحية - ، فهذا يعني أن كل من حدثته نفسه بالقتل والجناية على المواطنين الابرياء ، فإنه يحسب ألف حساب، ويتذكر نفسه حينما يُقدم للقتل او العقاب قصاصًا، فيُفعل به كما فعل ؛ فيرعوي وينزجر ، فتسلم حياة الناس ، فلا يندفع الإنسان مع دواعي الغضب والطيش ، أو تحمله بواعث العداوة والكراهية والطائفية والعنصرية او العمالة للظالم الدخيل والاجنبي المحتل ، ونحو ذلك على التشفي بالانتقام بقتل النفوس واراقة الدماء وتعذيب الابرياء ، فتبقى نفوس الناس سالمة من العدوان .

ثم أيضًا لا تكون الحياة فوضى يحكمها شرع الغاب كما يُقال ،و كل من عنّ في رأسه شيء قام بتنفيذه ، فلا شرع يحكمهم، ولا اخلاق تمنعهم ولا مبادئ وطنية سامية تردعهم ، فمثل هذا الامر لا شك أنه مؤذن بخراب الوطن واهلاك المواطنين و زوال الدولة ، بحيث يؤدي في النهاية إلى حال لا يدري معها القاتل فيما قَتل، ولا المقتول فيما قُتل، ويُصبح القتل أمرًا شائعًا ذائعًا في الناس، فتهون الدماء، وإذا هانت الدماء هان كل شيء .

وبناءا على ما تقدم ؛ يجب على الحكومة العراقية ومنظمات حقوق الانسان , احصاء كافة الجرائم والمجازر التي قام بها جلاوزة وازلام النظام البائد واجراء التحقيقات مع كافة رجال النظام البائد وبلا استثناء , بشكل فوري ونزيه ومستفيض، مع ضمان انزال العقوبات العادلة بالمجرمين منهم وتعويض الضحايا وذويهم عما اصابهم ... وعلى الحكومة أيضاً أن تسن قوانين جديدة وعادلة لهذا الغرض , ومن الضرورة بمكان انشاء هيئات حكومية لمتابعة مجرمي النظام البائد ومحاسبتهم بما يحقق العدل , اينما وجدوا .

وبما اننا في بلد العجائب والخط المنكوس ؛ كانت ردة فعل البعض من المحسوبين على المؤسسة الدينية على جرائم البعث ومجازر صدام وجرائر وموبقات التكارتة السفاحين ؛ ان اصدر البعض فتوى تنص على : ((الحق فقط لولي الدم )) وكانت هذه الفتوى بمثابة صمام الامان لهؤلاء القتلة المجرمين والسفلة البعثيين ؛ بل ان بعض الاحزاب السياسية المحسوبة على الاغلبية العراقية كرمتهم من خلال تزويدهم بالرواتب والمكافأت المالية المجزية , فضلا عن تعيين البعض في دوائر الحكومة الجديدة ..!!

 

وليكن في علم الاغلبية العراقية الواعية ؛ إن لم يحاسب المجرمون اليوم لن يحاسبوا غدا , و هذا بالضبط ما حصل في العراق مع الجلادين الصداميين و المجرمين البعثيين الذين لم يحاسبوا , و ها هم اليوم اصبحوا في سدة السلطة والاعلام و يمارسون جرائمهم ومؤامرتهم بأشكال و صفات رسمية ، ومهما بدل هؤلاء المنكوسون والاوغاد المهجنون العناوين والشعارات والولاءات الا ان النفسية الحاقدة و المجرمة هي نفسها .

 

وبما ان الامريكان والبريطانيين لا هم لهم سوى مصالحهم القذرة , وهم يبحثون عنها في اي جماعة مشبوهة او عصابة منكوسة ؛ فليس من الغريب على الامريكان والبريطانيين ارجاع عقارب الساعة الى الوراء وعودة حزب البعث وزمر الفئة الهجينة بأسماء وعناوين مغايرة تسر الحمقى الغافلين ؛ لكي تفتك فيما بعد بالأحرار العراقيين والشرفاء الوطنيين .

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك