المقالات

الاحتلال وضياع الهوية والقرار الوطني


رياض سعد

في زحمة الاحتلالات التاريخية الاجنبية الغاشمة , والثورات والصراعات الشعبية المستمرة والمريرة ؛ وصولا الى قسوة الانظمة السياسية الطائفية المستبدة العميلة المنكوسة المعاصرة ؛ تم استبعاد واستعباد العراقي الاصيل بشتى الطرق والحيل الملتوية ؛ مما افقده توازنه واستقراره وغيب وعيه , و صادر حريته الكاملة وحقه الطبيعي في الحياة والكرامة والمساواة والتطور والتفكير الايجابي والانطلاق والابداع ... الخ ؛ فراحت الاغلبية العراقية ومعها مكونات الامة العراقية الاصيلة الاخرى تتخبط خبط عشواء وتبحث في متاهات الضياع ؛ علها تعثر على طوق نجاة او قارب خلاص .. او تكتشف الطريق القويم الذي يقرب المسافات ويوصلهم الى الهدف المنشود .. , واضحى العراقي المضطهد والمحروم والمحتار والتائه يعبر عن مشاعره المتناقضة وعقله المضلل وهويته المغيبة بنظريات وشعارات واطروحات طوباوية خيالية او هلامية مطاطية او لا تمت لتاريخه الوطني و واقعه السياسي بصلة ؛ اذ انها اشبه بالسراب الذي قرب منه البعيد وابعد عنه القريب , وبالتالي امست النتائج عكسية وصار كالمستجير من الرمضاء بالنار؛ فلا النظام الملكي ولا خلفه الجمهوري ولا الشيوعية الاممية ولا شعارات القومية العربية ولا الحركات والدعوات الاسلامية ولا البعث بشقيه اليميني واليساري ... الخ استطاع ان يحقق ولو جزءا يسيرا من احلام وامال وطموح وتطلعات ابناء الامة العراقية .

فعندما حاول العراقي نقل هذه النظريات الغريبة والشعارات المنكوسة والمبادئ والتصورات الاجنبية الى حيز التطبيق والواقع الخارجي لم تكن بأفضل من نظريات وشعارات عهود الانظمة السياسية المنكوسة السابقة الفاشلة , ولم تكن كما تصورها العراقي الاصيل المضطهد المظلوم .. ؛ بل اثبت له التطبيق خيبة الامل وفرض عليه معاناة جديدة ... وهكذا دواليك ؛ وكما يقول المثل الشعبي العراقي : ((على هالرنة طحينج ناعم )) .

و اصبح حالنا كحال الشخص الذي يسكن قر ب مستنقع موبوء مليء بالجراثيم والبعوض , فهو معرض بين الفينة والاخرى ل : لسعات البعوض التي تؤدي فيما بعد لإصابته بالأمراض , فيهرع اهله لأخذه الى المستشفى لتلقي العلاج وبعد شفائه يعود مرة اخرى الى سكنه القريب من المستنقع وتتكرر الحالة وتستمر المعاناة ... ؛ ولو كان فيهم شخصا حكيما او فردا واعيا لعمل على طمر المستنقع والتخلص منه بصورة نهائية كي لا يضطروا الى الذهاب للأطباء والمستشفيات لتقلي العلاج من الاصابات المتكررة والى صرف الاموال وانهاك الاجساد ..وهذا المثال ينطبق علينا تماما فطالما بذلنا الجهود والاموال وصرفنا الطاقات وهدرنا الوقت والثروات لتبني الاطروحات المنكوسة الباطلة والفاشلة ورفع الشعارات الهلامية التافهة ؛ مما دفعنا فيما بعد لاتهام بعضنا بعضا وقتال بعضنا للبعض الاخر؛ ونحن نعرف حق اليقين ان سبب بلاءنا كله هو الاستعمار والاحتلال بدءا من الاحتلال المغولي ثم التركي وصولا للأمريكي , بالإضافة الى عبث المخابرات الدولية والمنظمات المشبوهة العالمية ودول الجوار بأمننا و وطننا .

 

و لكن للأسف طالما تلاعب بنا الاستعمار وصيرنا ادوات من حيث نشعر او لا نشعر لتنفيذ اجنداته ومؤامراته ومخططاته الخبيثة ؛ ونحن في واقع الحال مجرد بيادق شطرنج تحركها ايدي الاحتلال والاستعمار والمخابرات الخفية – لاحول ولا قوة , ولا سيادة ولا هم يحزنون - ؛ وكل حزب بارتباطاتهم الاجنبية فرحون ..!! .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك